پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص439

تمنعون من الزيادة عليها مع ما روي فيها .

قيل : هذا الحديث لم يثبت عند الشافعي من وجه يجب العمل به ، فإن صح وثبت فقد اختلف أصحابنا في وجوب العمل عليه على وجهين :

أحدهما : وهو الظاهر من قول أبي العباس بن سريج : أن العمل به واجب ، ولا تجوز الزيادة في ضرب التعزير على عشر جلدات ، ويكون هذا مذهباً للشافعي ، لأن من مذهبه ، أن كل ما قاله وثبت عن رسول الله ( ص ) خلافه فهو أول راجع عنه .

والوجه الثاني : وهو قول كثير من أصحابه : أنه لا يجوز العمل به وإن صح لجواز أن يرد في ذنب بعينه أو في رجل بعينه ، فلا يجب حمله في عموم الذنوب ولا على عموم الناس .

( فصل )

لا يجوز للإمام العفو عن الحدود إذا وجبت ، ولا يحل لأحد أن يشفع إلى الإمام فيها ، وإن جاز العفو عن التعزير وجازت الشفاعة فيه .

روى ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله ( ص ) : ‘ تعافوا عن الحدود فيما بينكم فما بلغني من حد فقد وجب ) .

وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ لعن الله الشافع والمشفع ) .

فإن قيل : فقد روى سعيد بن أبي هلال عن زيد بن أسلم أن النبي ( ص ) جلد رجلاً في شراب فقال شعراً .

( ألا أبلغ رسول الله أني
بحق ما سرقت ولا زنيت )
( شربت شربة لا عرض أبقت
ولا ما لذة فيها قضيت )

فبلغ ذلك رسول الله ( ص ) فقال : ‘ لو بلغني قبل أن أجلده لم أجلده ) فدل على جواز العفو عن الحدود .

قيل : هذا حديث مرسل لا يعارض به ما كان متصلاً ثابتاً ، ولو ثبت وصح لجاز أن يكون محمولاً على أحد وجهين :

إما لأنه استدل بشعره على تقدم توبته .

وإما أن حد الخمر لم يكن مستقراً ، وكان تعزيراً يجوز العفو عنه .