پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص434

ولا يؤخر عما ذكرناه من وقت الاستحباب أو وقت الإيجاب إلا لعذر في الزمان من شدة حر أو برد أو لعذر في بدنه من شدة مرض يخاف على نفسه إن ختن ، فيؤخر إلى زوال العذر ، فلو كان نضو الخلق وعلم من حاله أنه إن ختن تلف سقط فرض الختان عنه ؛ لأنه لا تعبد فيما أفضى إلى التلف ؛ لقول الله تعالى : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) [ البقرة : 286 ] ولا يجوز أن يتولى ختان المولود إلا من كان ذا ولاية عليه بأبوة ، أو وصية ، أو حكم ، فإن ختنه من لا ولاية عليه ، فأفضى إلى تلفه ضمن نفسه ، وإن ختنه ذو ولاية عليه كالأب أو الوصي أو السلطان فتلف نظر فإن لم يكن ذلك في زمان عذر لم يضمن نفسه ؛ لأنه تلف من فعل واجب .

وإن كان في زمان عذر من مرض أو شدة حر أو برد قال الشافعي : ضمن نفسه .

وقال في المحدود في حر أو برد أو مرض : إنه إذا مات لم يضمنه .

اختلف أصحابنا فيه على طريقتين :

إحداهما : الجمع بين الجوابين في الموضعين ، ونخرجهما على قولين : أحدهما : يضمن في المحدود والمختون على ما نص عليه في المختون للتقدير بالزمان .

والقول الثاني : لا ضمان في المختون والمحدود على ما نص عليه في المحدود .

والطريقة الثانية : أن الجواب على ظاهر نصه في الموضعين فيضمن المختون ولا يضمن المحدود ، والفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أن الختان أخوف لما فيه من قطع عضو وإراقة دم .

والثاني : أن وقت الختان متسع ، ووقت الحد يضيق .

فإذا وجب الضمان ففي قدر ما يضمنه وجهان :

أحدهما : وهو الظاهر ، من مذهب الشافعي يضمن جميع الدية ؛ لأنها جناية منه .

والوجه الثاني : حكاه أبو حامد الإسفراييني : يضمن نصف الدية ؛ لحدوث التلف عن واجب ومحظور ، فإن ضمن ذلك غير السلطان كان على عاقلته ، وإن ضمن السلطان فعلى قولين :

أحدهما : على عاقلته .

والثاني : في بيت المال ، وتلزمه الكفارة سواء ضمن جميع الدية أو نصفها ؛ لأنه ضمن تلف نفس وإن تبعضت فيه الدية ، والله أعلم .