الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص428
أرهبها ، فشاور عثمان وعبد الرحمن فقالا : لا شيء عليك إنما أنت معلم ، فشاور علياً عليه السلام وقال : إن كان صاحباك ما اجتهدا فقد غشا ، وإن كان قد اجتهدا فقد أخطآ ، عليك الدية فقال عمر لعلي : عزمت عليك ألا تبرح حتى تضربها على قومك . فكان سكوت عثمان وعبد الرحمن عن الجواب رجوعاً منهما إلى قول علي فصار ذلك إجماعا من جميعهم .
ويدل عليه قول علي بن أبي طالب : ما أحد يموت في حد يقام عليه فأجد في نفسي من ذلك شيئاً إلا شارب الخمر فإنه شيء رأيناه فإن مات فديته في بيت مال المسلمين ، أو قال : على عاقلة الإمام ، فدل على أن التعزير مضمون ؛ ولأن التعزير لما نقص عن قدر الحدود خالف حكمها في الضمان كضرب الأب والمعلم فإذا ضمن الإمام دية التالف بالتعزير ، فقد ذكرنا في محلها قولين :
أحدهما : على عاقلة الإمام ، وتكون الكفارة في ماله .
والثاني : في بيت المال ، وفي الكفارة وجهان :
أحدهما : في ماله .
والثاني : في بيت المال .
قال الماوردي : أما السلعة بكسر السين فهي العقدة البارزة من البدن . وأما السلعة بفتح السين فهي الشجة الداخلة في الرأس . وصورة المسألة في إنسان به سلعة ، أو أكلة ، فقطعت منه السلعة ، أو عضو الأكلة فمات فلا يخلو حاله من أحد أمرين :
إما أن يكون جائز الأمر أو مولى عليه ، فإن كان جائز الأمر بالبلوغ والعقل لم يخل أن تقطع بإذنه ، أو بغير إذنه فإن قطعت بإذنه ، فلا قود على قاطعها سواء كان قطعها مخوفاً ، أو غير مخوف ؛ لأن في الإذن إبراء .
وفي وجوب الدية عليه قولان : بناء على اختلاف قول الشافعي في دية القتيل ، هل تجب له في آخر حياته أو تجب ابتداء للورثة بعد موته ؟
فإن قيل : تجب في آخر حياته فلا دية على القاطع لإبرائه منها بالإذن .
وإن قيل : تجب لورثته بعد موته فعلى القاطع الدية ، لأن المستبرئ منها غير