الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص426
وقال أبو يوسف : اكثر التعزير خمسة وسبعون من غير تفصيل . ولا استنباط من ذنوب الحدود .
وما قاله الشافعي : أظهر لأمرين :
أحدهما : ما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ من بلغ بما ليس بحد حداً فهو من المعتدين ) .
والثاني : أنه أقل ما قيل فيه . وقد قال رسول الله ( ص ) ‘ جنب المؤمن حمى ) .
وأما إشهار المعزر في الناس فجائز إذا أدى الاجتهاد إليه ليكون زيادة في نكال التعزير ، وان يجرد من ثيابه إلا قدر ما يستر عورته وينادى عليه بذنبه إذا تكرر منه ولم يقلع عنه . ويجوز أن يحلق شعر رأسه . ولا يجوز أن يحلق شعر لحيته . واختلف في جواز تسويد وجهه على وجهين :
يجوز أحدهما : ويمنع منه في الآخر . ويجوز أن يصلب في التعزير حياً ؛ قد صلب رسول الله ( ص ) رجلاً على جبل يقال له أبو ناب ، ولا يمنع إذا صلب من طعام وشراب ولا يمنع من الوضوء للصلاة ويصلي مومئاً ، ويعيد إذا أرسل . ولا يتجاوز صلبه اكثر من ثلاثة أيام .
أحدهما : في الوجوب والإباحة .
والثاني : في حدوث التلف عنه .
فأما الحكم الأول في الوجوب والإباحة فالتعزير مباح يجوز العفو عنه ، والحدود واجبة لا يجوز العفو عنها .
وقال أبو حنيفة : إن كان لا يرتدع بغير التعزير ، وجب تعزيره ولم يجز العفو عنه ، وإن كان يرتدع بغيره كان على خيار الإمام في تعزيره والعفو عنه .
ودليلنا ما روي أن رجلاً قال لرسول الله ( ص ) : اعدل يا رسول الله فقال : ‘ لقد شقيت إن لم أعدل ) . ولم يعزره . وإن كان ما قاله يقتضيه ، وحكم بين الزبير ورجل من الأنصار في شرب بينهما فقال للزبير : اسق أنت ثم أرسل الماء إليه . فقال الأنصاري لرسول الله ( ص ) : إنه ابن عمتك ، أي قدمته لقرابته لا بحقه فغضب رسول الله ( ص ) وقال للزبير : ‘ احبس الماء في أرضك إلى الكعبين ) .