الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص425
دونه بزواجر الكلام . وغايته الاستخفاف الذي لا قذف فيه ولا سب . ثم يعدل عن ذلك إلى المرتبة الثانية ، وهو الحبس ينزلون فيه على حسب منازلهم ، وبحسب ذنوبهم . فمنهم من يحبس يوماً ، ومنهم من يحبس اكثر منه إلى غاية غير مقدرة بقدر ما يؤدي الاجتهاد إليها ، ويرى المصلحة فيها .
وقال أبو عبد الله الزبيري من أصحاب الشافعي يتقدر غايته بشهر للاستبراء والكشف ، وبستة اشهر للتأديب والتقويم . ثم يعدل بمن دون ذلك إلى الرتبة الثالثة ، وهي النفي والإبعاد . وهذا والحبس فيمن تعدت ذنوبه إلى اجتذاب غيره إليها واستضراره بها ، واختلف في غاية نفيه وإبعاده .
فظاهر مذهب الشافعي : أنه يقدر الاكثر بما دون السنة ولو بيوم ؛ لئلا يصير مساوياً لتغريب السنة في الزنا .
وظاهر مذهب مالك : أنه يجوز أن يزاد فيه على السنة ، بما يرى أسباب الاستقامة ثم يعدل عن دون ذلك إلى الضرب ينزلون فيه على حسب ذنوبهم .
واختلف في اكثر ما ينتهي إليه ضرب التعزير .
فمذهب الشافعي أن أكثره في الحر تسعة وثلاثون ، وفي العبد تسعة عشرة ينتقص لينقص عن اقل الحدود في الخمر ، وهو أربعون في الحر ، وعشرون في العبد .
وقال أبو حنيفة : أكثره تسعة وثلاثون في الحر والعبد .
وقال مالك : لا حد لأكثره ، ويجوز أن يزيد على أكثر الحدود .
وقال أبو عبد الله الزبيري : تعزير كل ذنب مستنبط من المشروع في جنسه ، فأعلاه فيمن تعرض لشرب الخمر تسعة وثلاثون ؛ لأن حد الخمر أربعون ، وأعلاه فيمن يعرض بالزنا خمسة وسبعون ؛ لأن حد القذف ثمانون ، ثم جعله معتبراً باختلاف الأسباب في التعريض بالزنا فإن وجده ينال منها ما دون الفرج ضربه أكثر للتعزير وهو خمسة وسبعون سوطاً ، وإن وجدا عريانين في إزار قد تضاما أنهما لا حائل بينهما ، ضربا ستين سوطاً .
فإن وجدا عريانين في إزار غير متضامين ؛ ضربا خمسين سوطاً وإن وجدا في بيت مبتذلين قد كشفا سؤاتهما ضربا أربعين سوطاً ، وإن وجدا فيه مستوري السوءة ضربا ثلاثين سوطاً ، وإن وجدا في طريق متحادثين بفجورهما ضربا عشرين سوطاً ، وإن وجدا فيه يشير كل واحد منهما إلى الآخر بالريبة ضربا عشرة أسواط .
وإن وجدا فيه وكل واحد منهما يتبع صاحبه ضربا خفقات على غير هذا فيما عداه .