الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص421
بضرب رجل أو بقتله ظلماً فعلى ثلاثة أقسام :
أحدها : ألا يعلم الجلاد بظلم الإمام ، أو يعتقد فيه أنه بحق ، لأن الإمام العادل لا يقدم على القتل إلا بحق . فالضمان على الإمام دون الجلاد لأنه ملتزم للطاعة ، فقام أمره مقام فعله لنفوذه .
والقسم الثاني : أن يعلم الجلاد بظلم الإمام . إما بأن يقول له الإمام أن اضرب هذا ظلماً بغير حد أو يعلم ذلك من غير الإمام ، ولا يكون من الإمام إكراه للجلاد ، فالضمان هنا على الجلاد دون الإمام في القود والدية ، لأنه مختار .
والقسم الثالث : أن يعلم الجلاد بظلم الإمام ، والإمام مكره له عليه ، فلا قود على الإمام إلا من واجب وفي وجوبه على الجلاد المباشر قولان : فإن سقط القود فإن قيل : إنه لو وجب كان عليه مع سقوط القود عنهما .
وإن قيل لو وجب كان على الإمام دون الجلاد . ففي الدية وجهان :
أحدهما : على الإمام وحده ، اعتباراً بالقود .
والوجه الثاني : أنها عليهما نصفين ، وهذان الوجهان من اختلاف أصحابنا في سقوط القود عن الجلاد بأي علة سقط . فعلى تعليل البغداديين أن سقوط القود لشبهة الإكراه فعلى هذا تكون الدية بينهما نصفين ، وعلى تعليل البصريين أن سقوط القود لأن الإكراه نقل حكم الفعل إلى المكره ، فعلى هذا تكون الدية كلها على الإمام .
قال الماوردي : وجملته أن الإمام إذا أمر الجلاد بقتل أو جلد مختلف فيه ، كقتل المسلم بالكافر ، والحر بالعبد ، وحد الزنا بشهادة الراويان وحد القذف في التعريض ، لم يخل حالهما فيه من أربعة أقسام :
أحدهما : أن يعتقد الإمام والجلاد وجوبه ، فلا ضمان على واحد منهما قوداً ولا دية ، ولا تكون مخالفة غيرها مانعاً من نفوذ الحكم بالاجتهاد .
والقسم الثاني : أن يعتقداه غير واجب ، فالضمان فيه واجب ولا تكون مخالفة غيرها مسقطة للضمان ، وهي مسألة الكتاب لأنه ليس لأحد أن يقدم على قتل يعتقد حظره ، لأن غيره أباحه وإذا وجب الضمان فإن كان الجلاد غير مكره ، فالضمان على الجلاد دون الإمام . وإن كان مكرها فالضمان عليهما على التفصيل الذي قدمناه ، وإذا وجب الضمان لم يخل المختلف فيه من أن يكون فيه نص أو لا نص فيه فإن لم يكن