الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص415
وحثو التراب عليه ، وروي عن الصحابة : انهم حدوه بالسياط . فاختلف أصحابنا في حد النبي ( ص ) بالثياب والنعال هل كان بعذر أو شرع ؟ على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي العباس بن سريج وأبي إسحاق المروزي : أنه كان لعذر في الشارب من مرض ، أو لأنه كان نضواً ، كما حد مقعداً بأثكال النخل ، فعلى هذا يكون حد الصحابة بالسياط نصاً في غير المعذور لأنه جنس ما يستوفى به الحدود . فيحد بالسياط ، ويكون حد الخمر مخففاً من وجه واحد . وهو مقدار العدد دون صفة الحد .
والوجه الثاني : وهو قول الجمهور : أن حده بالثياب والنعال كان شرعاً من رسول الله ( ص ) خفف به حد الخمر كما خففه في العدد . فعلى هذا يكون عدول الصحابة عنه إلى السياط عن اجتهاد منهم فيه حين تهافتوا في الخمر ، واستهانوا بحده ، كما اجتهدوا في زيادة العدد إلى الثمانين . ويكون حد الخمر مخففاً من وجهين :
في مقدار العدد ، وصفة الحد ، ويكون العدول إلى السياط اجتهاداً . كما كانت الزيادة إلى الثمانين اجتهاداً . فأما التبكيت وحثو التراب ، فزيادة في التعزير وليس بشرط في الحد ، وهو موقوف على اجتهاد الإمام في فعله وتركه والله أعلم .
قال الماوردي : إذا جلد الإمام في الخمر أربعين اقتصارا على الحدود دون التعزير فمات المحدود فعلى ضربين :
أحدهما : أن يكون ضربه بالنعال ، وأطراف الثياب ، فلا ضمان على الإمام في موته . لما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه لما أمر بجلد ابنه في الشراب قال له ابنه : با أبتي قتلتني . فقال له : الحق قتلك . ومعلوم أن قتل الحق غير مضمون .
ولأن حدوث التلف عن الحدود الواجبة هدر لا تضمن كجلد الزاني ، وحد القاذف .
والضرب الثاني : أن يحده الأربعين بالسياط فيموت ، ففي ضمانه وجهان من اختلاف الوجهين في حده بالنعال والثياب ، ( قيل ) هل كان لعذر أو شرع ؟ :