الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص409
مختلفاً فيه ، فإذا استكملت فيه هذه الشروط الأربعة وجب عليه الحد .
وقال مالك : أحده برائحة المسكر وبقيء المسكر ، استدلالا بأن رسول الله ( ص ) قال في ماعز : استنكهوه ، فجعل للرائحة حكماً ، ولأن عمر بن الخطاب حد ابنه عبيد الله بالرائحة .
ولأن عثمان بن عفان رضي الله عنه حد الوليد بن عقبة بن أبي معيط في الخمر بشاهدين ، شهد أحدهما أنه شربها ، وشهد الآخر أنه تقيأها فقال عثمان ، ما تقيأها حتى شربها .
ولأنه لما جاز أن يستدرك برائحة الخمر عند مشاهدتها فيعلم بالرائحة أنها خمر جاز أن تستدرك بالرائحة بعد شربها .
ودليلنا قول الله تعالى : ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) [ الإسراء : 34 ] وليس له بالرائحة علم متحقق ، فلم يجز أن يحكم به .
ولأنه يجوز أن يكون قد تمضمض بالخمر ثم مجها ، ولم يشربها فلم تدرك رائحتها من فمه على شربها ، ولأنه ربما أكره على شربها ، ولأن رائحة الخمر مشتركة ، يجوز أن يوجد مثلها في أكل النبق ، وبعض الفواكه . فلم يقطع به عليها . ولأن رائحة الخمر قد توجد في كثير من الأشربة المباحة كشراب التفاح والسفرجل وربوب الفواكه .
فلم يجز أن يقطع بالرائحة عليها إذا شوهدت . لأن مشاهدة جسمها ينفي عنها ظنون الاشتباه ، وفي هذا دليل وانفصال .
فأما أمر رسول الله ( ص ) باستنكاه ماعز ، فلأنه رآه ثائر الشعر ، متغير اللون ، مقراً بالزنا . فاشتبهت عليه حالته في ثبات عقله أو زواله ، فأراد اختبار حاله باستنكاهه ، ولم يعلق بالاستنكاه حكماً ، وأما عمر رضي الله عنه : فإنه سأل ابنه حين شم منه الرائحة ، فاعترف بشرب الطلا ، فحده باعترافه .
وأما عثمان : فلأنه لما اقترن بشهادة القيء شهادة الشرب جاز أن يعمل عليها ، وإن كان ضعيفاً .