پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص408

ودليلنا : هو أن شرب ما اختلف فيه لا يوجب الفسق إذا تأوله ، كشارب لبن الأتن ؛ ولأن العدالة لا تمنع من وجوب الحد إذا تاب بعد شربه وقبل حده . فإنه يحد وهو عدل كذلك لا يمتنع أن يجب الحد عليه وهو عدل ؛ لتسوية بين حال الابتداء والانتهاء .

والفرق بين الحد والتفسيق في التأويل ، لأن الحد موضوع للزجر فاستوى فيه حال المتأول وغير المتأول والتفسيق مختص بالحظر فافترق فيه حكم المتأول وغير المتأول .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ولا يحد إلا بأن يقول شربت الخمر أو يشهد عليه به أو يقول شربت ما يسكر أو يشرب من إناء هو ونفر فيسكر بعضهم فيدل على أن الشراب مسكر واحتج بأن علي بن أبي طالب قال لا أوتي بأحد شرب خمراً أو نبيذا مسكراً إلا جلدته الجد ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح إذا ثبت وجوب الحد في شرب كل مسكر من خمر أو نبيذ ، فثبوت شربه للمسكر يكون بأربعة أوجه ، ذكرها الشافعي ها هنا :

أحدها : أن يعترف بشرب المسكر فيلزمه حكم اعترافه .

والثاني : يشهد عليه شاهدان أنه شرب المسكر . فيحكم عليه بالشهادة ، ولا يلزم سؤال الشاهدين عن وصفهما للشهادة في شرب المسكر ، وإن لزم شهود الزنا سؤالهم عن صفة الزنا ، للفرق بينهما بأن الزنا ينطلق على ما يوجب الحد وما لا يوجبه والشرب المسكر لا ينطلق على ما لا يوجب الحد .

والثالث : أن يشرب شراباً يسكر منه ، فيعلم أنه شرب مسكراً .

والرابع : أن يشرب هو وجماعة من شراب يسكر منه بعضهم ، فيعلم بسكر بعضهم أن جميعهم شرب مسكراً ، فإذا ثبت شربه للمسكر بأحد هذه الوجوه الأربعة ، كان وجوب حده بعد شربه معتبراً بأربعة شروط :

أحدها : أن يعلم أن الشراب مسكر ، فإن لم يعلم فلا حد عليه .

والثاني : أن يشربه مختاراً ، فإن أكره على شربه فلا حد عليه .

والثالث : أن يكون عالماً بتحريم المسكر ، فإن لم يعلم به لقرب عهده بالإسلام فلا حد عليه .

والرابع : ألا تدعوه ضرورة إلى شربه ، فإن اضطر إليه ، لشدة عطش ، أو تداوي مرض ، لا يوجد الطب من شربه بداً فلا حد عليه ، وإن كان شربه في هاتين الحالتين