الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص407
النبيذ . والبعيد أحوج إلى عموم البيان من القريب .
والثالث : أن في تحريم القليل تنبيهاً على الكثير فجاز الاقتصار عليه .
وأما الجواب عن استدلالهم . بأن الله تعالى لم يحرم شيئاً إلا وأغنى عنه بمباح من جنسه فمن وجهين :
أحدهما : أنه لما حرم السكر وان لم يغن عنه بمباح من جنسه جاز أن يحرم المسكر وإن لم يغن عنه بمباح من جنسه .
والثاني : أن الله تعالى قد أباح من جنسه ما لا يسكر فأغنى عن المسكر .
وأما الجواب عن استدلالهم ، بالترغيب بها في الجنة فمن وجهين :
أحدهما : أنهم قد عرفوا لذتها قبل التحريم ، فاستغنوا بها عن المعرفة بعد التحريم .
والثاني : أن خمر الجنة غير مسكر ؛ لأن الله تعالى قد وصفها بأن لا غول فيها ولا تأثيم . أي : لا تغتال عقولهم بالسكر ، ولا يأثمون بارتكاب الحظر ، والله أعلم .
قال الماوردي : أما شارب الخمر فعليه الحد سكر منه أو لم يسكر . وقد دللنا عليه . وأما شارب النبيذ فإن سكر منه حد في قول الجميع ، وإن لم يسكر منه حد في قول من حرمه ، ولم يحد في قول من أحله . وقد دللنا على تحريمه فوجب فيه الحد كالخمر ، وهما في الحد سواء . وإن كان الخمر أغلظ مأثماً كما أن الحد في الخمر يستوي فيه من سكر منه ومن لم يسكر ، وإن كان السكر أغلظ مأثماً ، فهذا حكم الحد ، فأما التكفير فلا يكفر مستحل النبيذ ، ويكفر مستحل الخمر .
وقد مضى وجه الفرق بينهما . وأما التفسيق : فيفسق شارب الخمر في قليلها وكثيرها . وأما شارب النبيذ فيفسق في كثيره المسكر والتفسيق في قليله معتبر بحال شاربه . فإن تأوله في شربه ، إما باجتهاد نفسه ، إن كان من أهل الاجتهاد ، أو بفتيا فقيه من أهل الاجتهاد لم يفسق ، وإن حد .
وإن شربه غير متأول فسق وحد ، فاستوى حده في الحالين ، وإن افترق بفسقه فيهما .
وقال مالك : يفسق في الحالين ، كما يحد فيهما ، ولا تبقى مع وجوب حده عدالة .