پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص406

فأخر بيان الكتاب عن الاستفاضة في بيان السنة .

وأما الجواب عن استدلالهم ، بأن تحريم ما ثبت تحليله نسخ ، والنسخ لا يصح إلا بالنص المستفيض المتواتر ، فمن ثلاثة أوجه :

أحدها : أن تحريم النبيذ ابتداء شرع ، وليس بنسخ ، لأنهم كانوا في صدر الإسلام مستدرجين لاستباحتها من قبل ، فجاء الشرع بتحريمها ، وما هذه سبيله يجوز إثبات حكمه بأخبار الآحاد . كما نهى عن أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير ويجوز إثباته بالقياس كما جاز إثبات الربا في الأرز قياساً على البر .

والثاني : أنه لو كان نسخاً ، لكان مأخوذاً من تحريم الخمر في القرآن ، وهو نص مستفيض .

والثالث : أنه لا يمتنع ، وإن لم يدخل في آية الخمر ، أن ينسخ بما يستفيض بيانه ، وإن لم يستفض نقله ، كما حولت القبلة إلى الكعبة وأهل قباء في الصلاة إلى بيت المقدس . فأتاهم من أخبرهم بنسخها وتحويلها إلى الكعبة فاستداروا إليها وعملوا على قوله واحد .

وأما الجواب عن استدلالهم ، بأن ما عمت به البلوى يجب أن يعم بيانه فمن ثلاثة أوجه :

أحدها : أن هذا أصل مختلف فيه ، فلا نسلمه . ويجوز أن يكون بيان ما يعم به البلوى خاصاً من أخبار الآحاد ، كما أن تحريم الكلام في الصلاة ما يعم به البلوى ، وهو من أخبار الآحاد .

والثاني : أنه لما كان ملحقاً بالخمر صار إما داخلاً في اسمه فهو نص ، وإما أن يكون مشاركاً له في المعنى فهو فرع ، لأصل عم بيانه فصار بيان الفرع عاماً كأصله .

والثالث : أنه لما كان يمنع هذا من تحريم النبيذ التي عنده ، لم يمنع من تحريم المطبوخ عندنا .

وأما الجواب عن استدلاله بأن النبيذ بالمدينة أكثر ، وهم إلى بيان تحريمه أحوج فمن ثلاثة أوجه :

أحدها : أن من جعل النبيذ داخلاً في اسم الخمر فقد جعل العموم مشتملاً عليهما ، وهو اصح وجهي أصحابنا فزال به الاستدلال .

والثاني : أن بيان تحريمها لم يكن مقصوراً على أهل المدينة بل هو لجميع الخلق . ولئن كان النبيذ بالمدينة أكثر من الخمر ، فإن الخمر بالشام وفارس أكثر من