الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص404
والثاني : أن اغتلامها هو تغيرها ، إما إلى حموضة أو قوة ، وليس في واحد منها سكر ولذلك كسرت بالماء لتزول حموضتها أو قوتها .
وأما الجواب عن حديث أبي سعيد الخدري : أن النبي ( ص ) سأل السكران أشربت خمرا ؟ قال : لا شربت الخليطين فمن ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه حديث ضعيف لا يعرف إسناده ، ولا يحفظ لفظه ، فلم يثبت به حكم .
والثاني : أنه لم ينقل عن الرسول ( ص ) فيه جواب من إباحة ولا حظر .
والثالث : أن الإمساك منه لا يمنع من استعمال قوله : ‘ كل مسكر حرام ) .
وأما الجواب عن حديث عبد الله بن مسعود : ‘ شهدت تحريم النبيذ كما شهدتم ثم شهدت تحليله فحفظت ونسيتم ) . فمن وجهين :
أحدهما : أن من أحل النبيذ لم يعترف بتحريمه قبله ومن حرمه لم يدع إحلاله بعده ، فلم يكن فيه دليل .
والثاني : أن المراد به النهي عن الأوعية ، قد روى أبو هريرة : أن النبي ( ص ) ‘ نهى عن الأوعية إلا وعاء بوكاء ) .
وما قدمناه من النهي عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت وأباح ما يوكأ من أوعية الأديم ، ثم اختلف أصحابه عن النهي في هذه الظروف بعد تحريم المسكر هل نسخ أم لا ؟ فذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعائشة وعبد الله بن عمر وأبو هريرة إلى بقائها على التحريم فيما لم يسكر وقال عمر : لأن تختلف الأسنة في جوفي احب إلي من أن أشرب نبيذ الجر .
وقال أبو هريرة : ‘ اجتنبوا الحناتم والنقير ) وقالت عائشة رضي الله عنها أشرب في سقا ثلاث على خمسة أي يشد وذهب عبد الله بن مسعود وجمهور الصحابة إلى إباحتها فيما لم يسكر ونسخ تحريمها ، وهو الصحيح ؛ لما روي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إن الظروف لا تحرم شيئاً فاشربوا في كل وعاء ولا تشربوا مسكراً ) .
وقد روى محارب بن دثار عن أبي بريدة عن أبيه أن رسول الله ( ص ) قال : ‘ نهيتكم عن ثلاث وأنا آمركم بهن نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن زيارتها تذكرة . ونهيتكم عن الأشربة أن تشربوا إلا في ظرف الأدم فاشربوا في كل وعاء غير ألا تشربوا مسكراً ، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تأكلوها بعد ثلاث فكلوا واستمتعوا ) .