الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص403
وأما الجواب عن حديث أبي مسعود البدري أن النبي ( ص ) شرب في طوافه من السقاية نبيذاً فمن ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه حديث ضعيف ، تفرد بروايته يحيى بن يمان عن سفيان الثوري ، ولم يتابعه عليه أحد من أصحاب سفيان ، وقد سئل سفيان عن المذر فقال : ذلك شراب الفاسقين .
وروي عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ يستحل قوم من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ) .
والثاني : أن نبيذ السقاية كان غير مسكر ؛ لأنه كان يصنع للحجاج إذا صدروا من منى لطواف الإفاضة ، ليستطيبوا به شرب ماء زمزم وكان ثقيلاً ، لا يستسقى أكثر من يومين أو ثلاثة ، وذلك غير مسكر .
فإن قيل : فقد قطب رسول الله ( ص ) حين شربه فدعى بماء فصبه عليه ، فدل على أنه كان نبيذاً مشتداً قيل الجواب يجوز أن يكون قد قطب لحموضته وصب عليه الماء لغلظته .
وأما الجواب الثالث : أن نبيذ السقاية كان نقع الزبيب ، غير مطبوخ ، وهو إذا أسكر حرم عند أبي حنيفة ، فلم يصح له حمله عليه وبطل استدلاله به .
وأما الجواب عن حديث ابن عباس : أن النبي ( ص ) : كان ينبذ له إلى ثلاث فيشربه ثم يسقيه الخدم ثم يهراق هو أنه كان يشربه ويسقيه الخدم إذا لم يشتد ثم يهراق إذا اشتد ؛ لأن النبيذ لا يشتد لثلاث حتى تطول مدته ولذلك كان يأمر بإراقة ما نش .
كذلك الجواب عن حديث أبي مسعود البدري ، أن رسول الله ( ص ) أباح النبيذ مع ضعفه عند أصحاب الحديث .
وكذلك الجواب عن حديث عبد الله بن الديلمي أن النبي ( ص ) قال : ‘ انبذوه على عشائكم واشربوه على غدائكم ) .
وأما الجواب عن قوله : ‘ اشربوا ولا تسكروا ) فمن وجهين :
أحدهما : أنه حديث ضعيف تفرد به أبو الأحوص ، ووهن فيه ، وقد روى في الصحيحين ‘ اشربوا ولا تشربوا مسكراً ) .
والثاني : أن السكر ليس من فعل الشارب ، فيتوجه النهي إليه ، فلم يجز حمله عليه ، وأما الجواب عن حديث عمر ‘ إذا اغتلصت عليكم فاقطعوا متونها بالماء ) فمن وجهين :
أحدهما : أنه ضعيف ؛ لأن رواية عبد الملك ابن أخي القعقاع وهو ضعيف .