پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص402

إذا لم يقترن به ما يدل على أحدهم ، هل يجوز حمله على عمومها ؟ فذهب أكثرهم إلى جواز حمله على عموم الأعيان المشتركة في اسم اللون والعين ، كما يجوز حمله على عموم الأجناس المتماثلة في قوله تعالى : ( الزانية والزاني ) [ النور : 2 ] ( والسارق والسارقة ) [ المائدة : 38 ] في حمله على كل زان وسارق . وقال بعضهم : لا يجوز حمله على عموم الأعيان وإن جاز حمله على عموم الأجناس ؛ لتغاير الأعيان : وتماثل الأجناس .

وقال آخرون منهم : يجوز حمله على عموم الأعيان والأجناس إذا دخلهما الألف واللام في العين واللون ، وفي الزاني والسارق لا يجوز حملها على العموم مع حذف الألف واللام ، إذا قيل : اقطع سارقاً ، واجلد زانياً فهذا واجب .

والثاني : أنه محمول على ما قبل التحريم استعمالاً للنصيين فيه .

والثالث : أنها إخبار من الله تعالى عن اتخاذه دون إباحته ، لأنه قال : ( تتخذون منه سكراً ورزقا حسناً ) فكأنه قال : تتخذون منه حراماً وحلالاً .

وأما الجواب عن حديث ابن عباس : ‘ حرمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب ) فمن خمسة أوجه :

أحدها : أن راويه عبد الله بن شداد ، ولم يلق ابن عباس : فكان منقطعاً لا يلزم العمل به .

والثاني : أنه رواه موقوفاً على ابن عباس غير مسند عن الرسول ( ص ) ، فلم يكن فيه حجة .

والثالث : أن الرواية : ‘ والمسكر من كل شراب ) فمنها الراوي ، فأسقط المسكر منها فروى : ‘ والسكر من كل شراب ) .

والرابع : أنه لو كانت الرواية السكر ، لكان المراد به المسكر ، لأن السكر ليس من فعل الشارب ، فينهي عنه وإنما شرب المسكر فعله ، فصار النهي متوجهاً إليه .

الخامس : أن تحريم السكر في هذا الخبر لا يمنع من تحريم المسكر فيما رويناه من الأخبار ، فيحرم السكر والمسكر جميعاً ، وتكون أخبارنا أولى من وجهين :

أحدهما : أنها أعم حكماً ؛ لأن تحريم المسكر يوجب تحريم السكر ، وتحريم السكر لا يوجب تحريم المسكر .

والثاني : أن السكر محرم بالعقل ؛ لاستقباحه فيه ، والمسكر محرم بالشر ؛ لزيادته على مقتضى العقل .