الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص397
وذلك ما روى الشافعي عن ابن علية عن إسحاق بن شريك عن معاذ عن عائشة رضي الله عنها قالت : نهى رسول الله ( ص ) ‘ عن الدباء والمزفت والحنتم والنقير ) ، وتفسير هذه الأواني محكي عن أبي بكرة الثقفي قال : أما الدباء فإنا معاشر ثقيف كنا بالطائف نأخذ الدباء يعني اليقطينة من القرع فنخرط فيها عناقيد العنب ، ثم ندفنها حتى تهدر ، ثم تموت . وأما النقير فإن أهل اليمامة كانوا ينقرون أصل النخلة ثم يشرفون فيها الرطب أو البسر حتى تهدر أو تموت . وأما المزفت فالأوعية التي تطلى بالزفت .
وأما الحنتم فجرار حمر كانت تحمل إلينا فيها الخمر .
وقال الأصمعي : هي الجرار الخضر خاصة وقال آخرون : كل نوع من الجرار حنتم وإن اختلفت ألوانها .
وهو الأصح لرواية الشافعي : عن سفيان عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن أبي أوفى قال : نهى رسول الله ( ص ) ‘ عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض والأحمر ) ؛ وفي نهيه ( ص ) عن الانتباذ في هذه الأواني وإن كان حكم جميعها واحد تأويلان :
أحدهما : أنه كان ذلك قبل تحريم الخمر ، فجعل النهي عن هذه الأواني مقدمة ينوطون بها على ما يرد بعدها من تحريم الخمر ؛ لأنهم قد كانوا ألغوها فواطأهم لتحريمها .
والتأويل الثاني : أنه كان ذلك بعد التحريم ؛ لأنه حرم عليهم المسكر وأباحهم غير المسكر ، وهذه الأواني يتعجل إسكار شاربها فنهى عنها ليطول مكث ما لا يسكر في غيرها ؛ ولذلك أمر رسول الله ( ص ) بإراقة ما نش من الشراب وأتي بشراب قد نش فضرب به عرض الحائط وقال : ‘ إنما يشرب هذا من لا خلاق له ) .
ومن ذلك ما رواه الشافعي : عن عبد المجيد عن ابن جريج عن عطاء قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : قال النبي ( ص ) : ‘ لا تجمعوا بين الرطب والبسر وبين الزبيب والتمر نبيذاً ) وفي نهيه عن الجمع بينهما ما ذكرنا من التأويلين ، وإن كان حكمها في الانفراد والجمع سواء .
أحد التأويلين : أن ذلك قبل التحريم توطئة لهم في التحريم ؛ لأنهم كانوا