الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص396
فدل على أمرين : أحدهما : إطلاق اسم الخمر على النبيذ والثاني : تعليل الخمر لأنه ما خامر العقل . ومثل ذلك في الاسم ما رواه صفوان بن محرز قال : سمعت أبا موسى الأشعري وهو يخطب الناس على منبر البصرة وهو يقول : ألا إن خمر المدينة البسر والتمر ، وخمر أهل فارس العنب ، وخمر أهل اليمن البتع ، وخمر الحبشة السكركة : وهي الأرز .
ومن ذلك ما رواه الشافعي : عن سفيان عن الزهري عن السائب بن زيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج يصلي على جنازة ، فشم من ابنه عبيد الله رائحة شارب ، فسأله ، فقال : إني شربت الطلا فقال : إن عبيد الله ابني شرب شراباً ، وإني سائل عنه فإن كان مسكراً حددته ، فسأل عنه ، فكان مسكراً فحده .
وروي أنه لما سأل عنه ، أنشد قول أبي عبيدة بن الأبرص :
ومن ذلك ما رواه جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب أنه قال : لا أوتي بأحد شرب خمراً أو نبيذاً مسكراً إلا حددته .
ومن ذلك ما روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال : ‘ خمر البتع من العسل وخمر المذر من الذرة ) .
ومن ذلك ما رواه مجاهد عن ابن عمر ورجل سأله عن الفضيخ فقال : وما الفضيخ ؟ قال : بسر وتمر قال : ذاك الفضوخ ، لقد حرمت الخمر وهي شرابنا .
ومن ذلك ما رواه الشافعي عن سفيان قال : سمعت أبا الجويرية الجرمي يقول : سألت ابن عباس وهو مسند ظهره إلى الكعبة ، وأنا والله أول العرب سألته عن الباذق فقال : سبق محمد الباذق فما أسكر فهو حرام .
والباذق المطبوخ قال ابن عباس هي كلمة فارسية عربت .
فهذا قول : من ذكرنا من الصحابة وغيرهم ، وليس له مخالف ، فكان إجماعاً ، ثم نتبع ما ذكرنا من السنن والآثار ما روي عن النبي ( ص ) من النهي عن أوانيها .