الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص395
وروى الحميدي في كتابه عن جابر بن عبد الله أن نفراً من حبشان أهل اليمن قالوا : يا رسول الله إن أرضنا أرض باردة وإنا نعمل بأنفسنا ، وليس لنا من ممتهن دون أنفسنا ولنا شراب نشربه بأرضنا ، يقال له المذر فإذا شربناه نفى عنا البرد فقال لهم رسول الله ( ص ) ‘ أمسكر هو ؟ قالوا : نعم ، فقال رسول الله ( ص ) كل مسكر حرام . وإن الله تعالى عهد إلي أن كل من شرب مسكراً أن يسقيه من طينة الخبال قالوا : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : عرق أهل النار أو عصارة أهل النار ) .
روى أبو سعيد السحيتي عن أبي هريرة عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة ) ، فإن قالوا : يسمى ما يعمل من النخلة ، خمراً على طريق المجاز : لا يصح هذا ، لأنه جمع بين العنبة والنخلة وهو من العنب خمر على الحقيقة ، فكذلك من النخلة . فإن قيل : فنحمله في العنب على الحقيقة ، وفي النخل على المجاز قيل : لا يصح هذا على أصل أبي حنيفة ، لأن اللفظة الواحدة لا يجوز أن يراد بها الحقيقة والمجاز على قوله : فلم يجز تأويله عليه على أن المجاز إذا وافقه عرف الشرع صار حقيقة تقدم على حقيقة اللغة إذا خالفها .
وقد روى الأعمش عن محارب عن جابر عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ الزبيب والتمر هي الخمر ) وهذا نص في حقيقة الاسم دون مجازه .
وروى الشعبي عن نعمان بن بشير عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إن من العنب خمراً وإن من التمر خمراً ، وإن من العسل خمراً ، وإن من البسر خمراً ، وإن من الشعير خمراً ) .
وهذا نص لا يعترضه تأويل فهذه نصوص السنة .
وقد روي عن الصحابة رضي الله عنهم : ما يعاضدها فمن ذلك : ما روى الشعبي عن عبد الله بن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنظة والشعير والخمر ما خامر العقل .