پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص391

الله الخمر فوجب أن يغني عنها بمباح من جنسها . وليس من جنسها ما يغني عنها سوى النبيذ ، فوجب أن يكون مباحاً اعتباراً بسائر المحرمات . ومنها أن الله تعالى : قد وعدنا بالخمر في الجنة ورغب فيها أهل الطاعة ، وما لا تعرف لذته لا يتوجه إليه الترغيب فيه ، فاقتضى أن يستبيحوا ما تستدل به على لذتها ، وليس ذلك في غير النبيذ ، فاقتضى أن يحل له النبيذ اعتباراً بسائر الترغيبات ، فهذه دلائل من أباح النبيذ من نصوص ومعان .

( فصل )

والدليل على تحريمه ؛ قول الله تعالى في تحريم الخمر : ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) [ المائدة : 91 ] وهذا المعنى موجود في النبيذ كوجوده في الخمر ، فوجب أن يستويا في التحريم لاستوائهما في التعليل .

ومن السنة ما رواه أيوب وموسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ كل مسكر خمر وكل خمر حرام ) . فدل على تسمية النبيذ خمراً ، وعلى تحريمه كالخمر .

وروى طاوس عن ابن عباس أن النبي ( ص ) قال : ‘ كل خمر حرام وكل مسكر حرام ) .

فإن قيل : قد روى عباس الدوري عن يحيى بن معين أنه قال : ثلاثة أحاديث لا تصح عن النبي ( ص ) ‘ كل مسكر خمر ) ‘ ولا نكاح إلا بولي ) ‘ ومن مس ذكره فليتوضأ ) ففيه ثلاثة أجوبة :

أحدها : أن أحمد بن حنبل أثبت وأعلم بطريق الحديث وصحته من يحيى ، وقد أثبت هذا الحديث ورواه في كتاب الأشربة .

والثاني : أنه لا يقبل منه إنكار هذا الحديث إذا رواه الثقة ، حتى يبين وجه فساده ، وقد رواه من ذكرنا .

والثالث : أن الأخذ به والعمل عليه قد سبق يحيى ، فلم يكن حدوث قدحه مؤشراً . فإن قيل رسول الله ( ص ) لا يعلمنا الأسماء ، وإنما يعلمنا الأحكام ، لأنه أهل اللغة قد شاركوه في معرفتها لتقدم اللسان العربي على مجيء الشرع . ففيه جوابان :

أحدهما : أنه يجوز أن تؤخذ عنه الأسماء شرعاً ، إذا تعلقت عليها أحكام كما تؤخذ الأحكام ؛ لأن الصلاة كانت في اللغة الدعاء فنقلها الشرع إلى أفعالها ، وكذلك