الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص387
وهذا الحديث مسند ، ولم يروه الشافعي وإن أشار إليه فثبت أن القتل منسوخ ، فهذا حكم الخمر .
وذهب كثير من فقهاء العراق إلى إباحته ، فأباح بعضهم جميع الأنبذة من غير تفصيل .
وقال أبو حنيفة : أما عصير العنب إذا لم يمسه طبخ فهو الخمر الذي يحرم قليله وكثيره ، ويحكم بنجاسته ووجوب الحد في شربه ، فإن طبخ فذهب ثلثاه حل ، ولا حد فيه حتى يسكر ، وإن ذهب اقل من ثلثه فهو حرام ، ولا حد فيه حتى يسكر . وما عمل من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير والذرة ، فجميعه حلال ، طبخ أو لم يطبخ ، أسكر أو لم يسكر ، ولا حد فيه حتى يسكر ، ويحرم منه القدح المسكر ، وجميع الأنبذة عنده طاهرة ، وإن حرمت سوى الخمر ، ولا ينطلق على شيء منها اسم الخمر ، ولا يعلل تحريم الخمر فصار الخلاف معه مشتملاً على خمسة فصول :
أحدهما : هل ينطلق على الأنبذة المسكرة اسم الخمر ؟ .
عندنا ينطلق وعنده لا ينطلق .
والثاني : هل يحرم قليلها وكثيرها ؟ عندنا يحرم وعنده لا يحرم .
والثالث : هل تنجس كالخمر ؟ عندنا تنجس وعنده لا تنجس .
والرابع : هل يتعلق وجوب الحد بالشرب أو بالسكر ؟ عندنا بالشرب وعنده بالسكر .
والخامس : هل تحريم الخمر معلل أو غير معلل ؟ عندنا معلل وعنده غير معلل .
واستدل أبو حنيفة على إباحة النبيذ في الجملة ، وإن كان مذهبه فيه على ما قدمناه من التفصيل ، بقول الله تعالى : ( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً ) [ النحل : 67 ] .
والسكر هو المسكر في قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة : فدلت الآية على إباحته .
وبما روى أبو عون عن عبد الله بن شداد عن عبد الله بن عباس عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ حرمت الخمر بعينها والسكر من كل شراب ) فدل هذا الحديث على ثلاثة أحكام :