الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص384
وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ) [ المائدة : 93 ] فيه قولان :
أحدهما : من المباحات غير المحرمات .
والثاني : من الخمر قبل التحريم ( إذا ما اتقوا ) فيه وجهان :
أحدهما : في تلقي أمر الله بالقبول .
والثاني : في أداء الفرائض ، ( وآمنوا ) يعني بالله ورسوله ( وعملوا الصالحات ) يعني البر والمعروف ، ( ثم اتقوا وآمنوا ) في هذه التقوى الثانية وجهان :
أحدهما : أن المخاطب بها غير من خوطب بالتقوى في الأولى وأن الأولى لمن شربها قبل التحريم والثانية لمن شربها بعد التحريم ؛ فلذلك تكرر ذكرها لاختلاف المخاطب بها .
والوجه الثاني : أن المخاطب بها واحد وإنما تكرر ذكرها لاختلاف المراد بها فعلى هذا في المراد بها وجهان :
أحدهما : أن المراد بالأولى ، فعل الطاعات .
والثانية : اجتناب المعاصي .
والوجه الثاني : أن المراد بالأولى عمل الفرائض ، وبالثانية عمل النوافل ( ثم اتقوا وأحسنوا ) في هذه التقوى الثالثة ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها الإقامة على التقوى .
والثاني : أنها تقوى الشبهات .
والثالث : أنها إثابة المحسن ، والعفو عن المسيئ .
وحكي عن قدامة بن مظعون أنه استباح الخمر بهذه الآية [ المائدة : 93 ] وقال : قد اتقينا وآمنا فلا جناح علينا فيما طعمنا ، وأن عمرو بن معد كرب استباحها ؛ لأن الله تعالى قال : ( فهل أنتم منتهون ) ثم سكت وسكتنا فرد المسلمون عليهما لفساد تأويلهما فرجعا ، ولم يكن لخلافهما تأثير فصار الإجماع منعقداً على تحريمها بنص الكتاب ثم أكده نص السنة .
وروى الشافعي عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت : سئل رسول الله ( ص ) عن البتع فقال : ‘ كل شراب أسكر فهو حرام ) وروى الشافعي عن عبد المجيد عن ابن جريج عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي ( ص )