الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص382
ثم لا يشربونها حتى يصلوا العصر ، ثم يشربونها حتى ينتصف الليل وينامون ثم يقومون إلى صلاة الفجر وهم مصحون .
وأما الآية الثالثة في سورة المائدة ، وهي قوله تعالى : ( إنما الخمر والميسر ) وقد مضى الكلام فيها ، والأنصاب والأزلام فيها قولان :
أحدهما : أن الأنصاب الأصنام التي تعبد والأزلام قداح من خشب يستقسم بها .
والثاني : الأنصاب حجارة حول الكعبة ، كانوا يذبحون عليها ، والأزلام تسع قداح ذوات أسماء ، حكاها الكلبي ، يستقسمون بها في أمورهم ويجعلون لكل واحد منهما حكما ثم قال ؛ ( رجس من عمل الشيطان ) وفيها أربعة أوجه :
أحدها : سخط .
والثاني : شر .
والثالث : إثم .
والرابع : حرام ( من عمل الشيطان ) أي : مما يدعو إليه الشيطان ويأمر به ، لأنه لا يأمر إلا بالمعاصي ، ولا ينهي إلا عن الطاعات ، وأصل الرجس المستقذر الممنوع منه ، فعبر به عن ذلك لكونه ممنوعاً منه ، ثم قال ( فاجتنبوه ) يحتمل وجهين :
أحدهما : فاجتنبوا الرجس أن تفعلوه .
والثاني : فاجتنبوا الشيطان أن تطيعوه ( لعلكم تفلحون ) فيه وجهان :
أحدهما : تهتدون .
والثاني : تسلمون ثم قال : ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ) بحصول الشر والتنافر لحدوث السكر وغلبة القمار ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فيه وجهان :
أحدهما : أن الشيطان يصدكم عنه .
والثاني : أن سكر الخمر يصدكم عن معرفة الله وعن الصلاة ، وطلب الغلبة في القمار يشغل عن طاعة الله وعن الصلاة ( فهل أنتم منتهون ) فيه وجهان :
أحدهما : منتهون عما نهى عنه من الخمر والميسر والأنصاب والأزلام وأخرجه مخرج الاستفهام وعيداً وتغليظاً [ الأعراف : 33 ] .
والثاني : ( فهل أنتم منتهون ) عن طاعة الشيطان فيما زينه لكم من ارتكاب هذه المعاصي وأما الآية الرابعة في سورة الأعراف وفي قوله تعالى : ( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ) فيه وجهان :