الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص381
والثاني : تتفكرون في أوامر الله ونواهيه فتستذكرون طاعة الله في الدنيا وثوابه في الآخرة .
وأما الآية الثانية في سورة النساء وهي قوله تعالى : ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) [ النساء : 43 ] ففي قوله : ( لا تقربوا الصلاة ) وجهان :
أحدهما : أنه نهى عن الصلاة في حالة سكر .
والثاني : أنه نهى عن الشرب في وقت الصلاة ، وفي قوله تعالى : ( وأنتم سكارى ) وجهان :
أحدهما : من الشراب ، وهو قول الجمهور .
والثاني : من النوم قاله الضحاك .
واصل السكر من الشراب مأخوذ من سكر الماء ؛ لأنه يسد مجرى الماء ، فالسكر من الشراب أن يسد طريق العقل وفي قوله تعالى : ( حتى تعلموا ما تقولون ) ، وجهان :
أحدهما : حتى تميزوا ما تقولون من الكلام .
والثاني : حتى تحفظوا ما تتلون من القرآن لأجل ما كان فيمن أمر بالصلاة في سكره فلم يقم بسورة ( قل يا أيها الكافرون ) فدلت هذه الآية على إباحة الخمر في غير زمان الصلاة وتحريمها في زمان الصلاة ، وفيه قولان :
أحدهما : أنه معتبر بفعل الصلاة إذا حضر فعلها ، فإذا صلى صلت له ، وإن كان وقتها باقياً .
روى ابن إسحاق عن أبي ميسرة قال : كان منادي رسول الله ( ص ) إذا حضرت الصلاة ينادي : ‘ لا يقربن الصلاة سكران ) .
والثاني : أنه معتبر بوقت الصلاة ، يحرم فيه على من صلى ومن لم يصل وفيما توجيه التحريم إليه قولان :
أحدهما : إلى السكر دون الشرب ، وهو ظاهر الآية .
والثاني : إلى الشرب والسكر جميعاً .
روى اسباط عن السدي أنه قال : لما نزلت هذه الآية كانت الخمر حلالاً لهم ، يشربونها من صلاة الغداء حتى ينتصف النهار فيقومون إلى صلاة الظهر وهم مصحون ،