الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص379
فهذه أربع آيات نزلت في شأن الخمر . نحن نبدأ بتفسير كل آية منها ، ونذكر ما قاله العلماء فيما حرمت به الخمر فيها .
أما الآية الأولى في سورة البقرة وهي قوله تعالى : ( يسألونك عن الخمر والميسر ) [ البقرة : 219 ] فقد قال مقاتل : إن الذي سال عنها حمزة بن عبد المطلب ، ومعاذ بن جبل .
وقال عطاء : هو عمر بن الخطاب حين قال في الخمر ما قال ، واسم الخمر ينطلق حقيقة على عصير العنب .
واختلف أصحابنا في انطلاقه حقيقة على ما عداه من الأنبذة على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إبراهيم المزني وأبي علي بن أبي هريرة أنه يطلق اسم الخمر على سائر الأنبذة حقيقة ؛ لأن الاشتراك في الصفة يقتضي الاشتراك في الاسم
والوجه الثاني : أنه يطلق اسم الخمر على سائر الأنبذة مجازاً لا حقيقة ، وأن حقيقة اسم الخمر مختص بعصير العنب ؛ لأنهما يتفقان في صفة ويختلفان في أخرى ويشتركان في الحكم من وجه ويختلفان فيه من وجه ، فافترقا في الاسم لافتراقهما في بعض الصفات وبعض الأحكام .
وأما الميسر فهو القمار وفي تسميته بالميسر وجهان :
أحدهما : أن أهل اليسار والثروة كانوا يفعلونه .
والثاني : لأنه موضوع على ما ينزله من غنم أو غرم : ( قل فيهما إثم كبير ) [ البقرة : 219 ] فيه وجهان :
أحدهما : أن إثم الخمر أن شاربه يؤذي الناس إذا سكر واسم الميسر أن صاحبه يظلم الناس إذا عومل وهذا قول السدي .
والثاني : أن اسم الخمر أن يزول عقل شاربه فتغرب عنه معرفة خالقه ، واسم الميسر أن يوقع العداوة والبغضاء ويصدر عن ذكر الله والصلاة ، وهذا قول ابن عباس ( ومنافع الناس ) وفي منافع الخمر وجهان :
أحدهما : وفور ثمنها وربح تجارها .
والثاني : أنه لذة شربها وما يحصل في النفس من الطرب كما قال حسان بن ثابت :