الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص376
قال الشافعي رحمه الله : ‘ كل شراب أسكر كثيره فقليله حرام ) .
قال الماوردي : أصل المسكرات كلها الخمر ، وما سواه من الأنبذة المسكرة تابع له ومستنبط منه .
والخمر هو عصير العنب إذا صار مسكراً بحدوث الشدة المطرية فيه فيصير خمراً بشرطين : الشدة والسكر .
وقال أبو حنيفة : لا يصير خمراً بها حتى ينضم إليهما شرط ثالث وهو أن يقذف زبده .
وليس قذف الزبد عندنا شرطاً ؛ لأنه لا تأثير له في شربها .
وفي تسميتها خمراً تأويلان :
أحدهما : لأنه يخمر عصيره في الإناء حتى يصير خمراً أي يغطى ولو لم يغط لم يصر خمراً والتخمير التغطية ومنه سمي خمار المرأة ؛ لأنه يغطيها ويسترها .
والثاني : لأنه يخامر العقل بالسكر أي : يغطيه ويخفيه .
وقد كان الخمر في صدر الإسلام يشربها المسلمون ولا يتناكرونها واختلف أصحابنا في استباحتهم لشربها هل كان استصحابا لحالهم في الجاهلية ، أو بشرع ورد في إباحتها ؟ على وجهين :
أحدهما : انهم استصحبوا إباحتها في الجاهلية ؛ لأنه لا تقدم منع منها ولا تحريم لها ، هذا أشبه الوجهين :
والثاني : أنهم استباحوا شربها بشرع ورد فيها ، وهو قول الله تعالى : ( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقا حسناً ) [ النحل : 67 ] .
وفيه ثلاث تأويلات :
أحدها : أن السكر ما أسكر من الخمر والنبيذ ، والرزق الحسن وهو ما أثمر من