الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص375
القود اقتص منه ولم يصلب بعد قتله ، وإن أخذ المال ؛ لأن قتله لم يكن من حدود الحرابة فيسقط حكم صلبه كما لو مات ، وكان لولي المقتول في الحرابة الدية ، وإن كان القصاص في حقه منحتماً ؛ لأن فوات القصاص يسقط به حق الله تعالى في انحتام القتل ولا يسقط حق الآدمي في وجوب الدية ، ولو اجتمع رجم الزنا وقتل الردة رجم للزنا ، ودخل فيه قتل الردة ؛ لأن الرجم أزيد نكالاً فدخل فيه الأقل .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، إذا مات في الحد الأول صار في الباقي من الحدود كالميت قبل استيفاء شيء من الحدود ، فينظر في الباقي من الحدود فإن كانت لله تعالى كحد الزنا ، وقتل الردة سقطت عنه في تبعات الدنيا ، وكان موكولاً إلى الله تعالى في الآخرة ، وإن كانت للآدميين فإن لم يرجع إلى بدل كحد القذف سقط حكمه ، وإن رجع إلى بدل كالقتل والجراح رجع مستحقه بديته في مال المحارب ، ولم يسقط بموته كما لا يسقط عنه غرم ما استهلك من الأموال .
وقال أبو حنيفة تسقط عنها حدود الحرابة وتقتل قوداً لا تنحتم ، وتغرم المال ، ولا تصلب احتجاجاً بأن امرأة ليست من أهل المحاربة فسقطت عنها حدود الحرابة كالصبي والمجنون .
ودليلنا : عموم الآية في الحرابة من طريق القياس أن من وجب عليه الحد في غير الحرابة وجب عليه حد الحرابة كالرجل ، ولأن كل حد وجب على الرجل جاز أن يجب على المرأة كالحد في غير الحرابة .
فأما الجواب عن قياسه على الصبي والمجنون فالمعنى فيها سقوط الحد عنهما في غير الحرابة ؛ لعدم التكليف ، فسقط في الحرابة بهذا المعنى ، والمرأة يجب عليها الحد في غير الحرابة لوجود التكليف فوجب في الحرابة لوجود هذا المعنى والله أعلم بالصواب .