الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص373
هؤلاء الطريق ، وأخذوا من الأموال كذا ، وقتلوا من النفوس كذا قبلت شهادتهما ؛ لأنهما قد يكونان بمعزل على المدعين فيشاهدوا قطع الطريق ، ولا يسألهم الحاكم هل كانا معهم أم لا ؟ وقال بعض العراقيين : لا يحكم بشاهدتهما حتى يسألهما هل كانا مع القوم أم لا ؟ فإن قالا : لا حكم لها ، وإن قالا : نعم لم يحكم ؛ لأن ما احتمل القبول والرد لم يحكم به مع الاحتمال ، وهذا ليس بصحيح ؛ لأن ظاهر العدالة تصرف الشهادة إلى الصحة دون الفساد كما أن الظاهر صدقهما وإن جاز كذبهما فلم يجز أن يجعل الاحتمال طريقاً إلى ردها إذا أوجب الظاهر قبولهما .
قال الماوردي : إذا اجتمع على رجل حدود من جلد ، وقطع ، وقتل ، بدئ بالجلد ، ثم بالقطع ، ثم يالقتل ، ولا يسقط بالقتل ما عداه .
وقال أبة حنيفة : إذا اجتمع معها قتل سقط بالقتل ما عداه ، وإن لم يجتمع معها قتل كان الإمام مخيراً في البداية بما شاء من الجلد أو القطع استدلالا بأن القتل أعم فيدخل فيه ما دونه ، ويتساوى ما عداه فلم يتعين تقديم بعضه على بعض .
ودليلنا : عموم الظواهر في الحدود الموجب لاستيفائها ، ولأنها حدود لا تتداخل في غير القتل فوجب أن لا تتداخل في القتل كحد القذف وهو انفصال عن استدلاله ، فأما تقديم الجلد على القطع فلأنه أخف وأسلم من القطع الذي فيه إراقة دم واستهلاك ؛ فلأجل ذلك قدم عليه .
أحدهما : أنه أخف .
والثاني : أنه من حقوق الآدميين في الأغلب ثم فيما يبدأ به بعد التعزير وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي يقدم حد القذف على شرب الخمر ؛ لأنه من حقوق الآدميين .
والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة ، يقدم حد الخمر على حد القذف ؛