پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص367

وقال : إذا قطع بجناية يسرى يد ، وأخذ المال سقط عنه القصاص في يده اليسرى ، وقطعت يمناه في المال مع رجله اليسرى ، بناء على ما تقدم من خلافه في الجراح ، ونحن نجمع عليه بينهما ، فتقطع يسرى يديه قصاصاً ، ثم تقطع يمنى يديه مع رجله اليسرى ؛ لأخذ المال ولا يوالي بين القطعين ؛ لأنهما حدان ويمهل بعد قطع يسراه قوداً حتى تندمل ، ثم تقطع يمناه في المال ، ويقدم قطعه في القصاص على قطعه في المال سواء تقدم أو تأخر ؛ لأنه من الحقوق المشتركة بين الله وعباده إن قيل بانحتامه ، أو من حقوق الآدميين إن قيل : إنه غير منحتم .

وحقوق الآدميين في الدنيا مقدمة على حقوق الله تعالى فيها ، كمن وجب عليه القتل بردة وقصاص أو قطع يد بسرقة وقصاص قدم القصاص والقطع على حق الله تعالى فيها ، فإن قيل : فهلا كان اجتماعهما في الدماء كاجتماعهما في المال على ثلاثة أقاويل :

أحدها : يقدم في المال حق الآدميين على حق الله تعالى كالدماء .

والثاني : يقدم حق الله تعالى على حق الآدميين بخلاف الدماء .

والثالث : يشترك بينهما ، قيل : لأن المقصود بحق الله في الدماء يوجد في استيفائه للآدميين وهو الردع والزجر والمقصود بحق الله تعالى في الأموال لا يوجد في استيفائه للآدميين وهو وصوله إلى الفقراء المساكين فافترقا .

( فصل )

وإذا تماثل قطع القصاص وقطع الحرابة في الأطراف فقطع المحارب اليد اليمنى والرجل اليسرى وأخذ المال فوجب به قطع يده اليمنى ورجله اليسرى .

فإن قيل : إن قطعه في القصاص منحتم روعي أسبق الأمرين ، فإن تقدم قطع المال على قطع القصاص قطع قصاصاً وسقط قطع المال لتقدم حق الآدمي في الدم على حق الله تعالى فيه ، وإن تقدم قطع القصاص على قطع المال ، فقطع قصاصاً ولم يسقط قطع المال فلم يعدل فيه إلى قطع يده اليسرى ورجله اليمنى ، كمن أخذ المال وليس له يد يمنى ولا رجل يسرى ؛ لأن استحقاق قطعهما للمال لم يعدل فيه إلى فعدل في قطع المال إلى غيرهما ، ولو تقدم استحقاق القصاص فيها حتم ، فصار كعدمهما ، فعدل في قطع المال إلى غيرهما ، ولو تقدم استحقاق قطعهما للمال لم يعدل فيه إلى غيرهما ؛ لأن ما وجب ابتداء إلا فيهما ، وإن قيل : إن قطع القصاص غير منحتم خير وليه بين القصاص والعفو ، فإن عفا عنه قطع للمال وإن لم يعف عنه قطع قصاصاً ، وسقط قطع المال ، سواء تقدم استحقاقه أو تأخر ؛ لأن قطع المال ورد على طرف يجوز أن يقطع فيه إذا لم ينحتم أخذه في غيره ، فلم يجز أن يعدل فيه إلى غيره ، وإذا انحتم لم يجز أن يقطع فيه ، فجاز العدول إلى غيره ، ولو قطع المحارب اليد اليمنى ثم اخذ المال قطعت يمناه قصاصاً وصار بعد قطعها فيه كمن ذهبت يمناه بأكله فهل