الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص365
وأما الجواب عن استدلاله بحديث عائشة رضي الله عنها فمن وجهين :
أحدهما : أنه راويه إبراهيم بن طهمان وقد حكى الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري ، قال : قلت لمحمد بن يحيى : إبراهيم بن طهمان يحتج بحديثه قال : لا .
والثاني : أن القتل في الحرابة مضمر في الخبر كما كان مضمراً في الآية .
وأما الجواب عن قياسهم على الغنيمة فمن وجهين :
أحدهما : إنا لا نسلم لهم أن القتل والقطع يجب بالمحاربة وإنما يجب القتل بالقتل ويجب القطع بأخذ المال .
والثاني : إنه لما شارك في الغنيمة من لم يشهد الوقعة من أهل الخمس كان أولى أن يشارك فيها من شهدها ، والحرابة لا يشارك فيها من لم يشهدها فلم يشارك فيها من لم يباشرها .
وأما الجواب عن استدلالهم بتأثير النصرة والتكثير فهو فاسد بالممسك والذابح ، فإذا ثبت أن لا حد على الردء المكثر والمهيب فعليهم التعزير أدباً وحبسا وقد جمع الشافعي بينهما في هذا الموضع وقد ذكرنا مذاهب أصحابه فيه .
قال الماوردي : إذا جرح المحارب في الحرابة رجلاً وجب عليه القصاص لقول الله تعالى : ( والجروح قصاص ) [ المائدة : 45 ] وفي انحتامه كالقتل قولان :
أحدهما : وهو الأشهر الذي نقله المزني أنه لا ينحتم بخلاف القتل ؛ لأن الله تعالى أغفل الجراح في آية الحرابة فكان باقياً على حكم أصله في غير الحرابة فعلى هذا يكون المجروح بالخيار في القصاص ، أو اخذ الدية أو العفو عنها .
والقول الثاني : أن القصاص في الجراح منحتم كانحتامه في القتل ؛ لأنها وجميع الأطراف تابعة للنفس في وجوب القصاص وسقوطه فكانت تابعة لها في انحتامه فعلى هذا يستوفيه الإمام حتما ولا تخيير فيه للمجروح .
وفي انحتام الجراح قولان : ولا تدخل الجراح في النفس سواء انحتم الجراح ، أو لم ينحتم .
وقال أبو حنيفة : تدخل الجراح في النفس إذا اجتمعا فيقتل ولا يجرح استدلالا