پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص364

كالغنيمة التي يشترك في استحقاقها المقاتل والحاضر ؛ لأنها ترغيب كذلك الحدود في المحاربة لأنها ترهيب ، ولأن المباشر لم يقدر على الأخذ إلا بدفع الردء المكثر فصار الأخذ مضافاً إليه فوجب أن يقام الحد عليهما .

ودليلنا رواية أبي أمامة بن سهل بن حنيف وعبد الله بن عامر بن ربيعة قال : كنا مع عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو محصور في الدار فسمع الناس فتغير لونه وقال : إنهم ليتواعدوني بالقتل ، فقلنا يكفيهم الله يا أمير المؤمنين قال : وبم يقتلوني وقد سمعت رسول الله ( ص ) يقول : ‘ لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : رجل كفر بعد إسلامه أو زنا بعد إحصانه أو قتل نفسا بغير نفس ) ووالله ما زنيت في جاهلية ولا إسلام قط ، ولا قتلت نفساً بغير نفس ، ولا أحببت أن لي بديني بدلا منذ هداني الله له فبم يقتلونني ؟ .

وروى مسروق عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ‘ قام رسول الله ( ص ) مقامي هذا فقال : والذي لا إله غيره لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث خصال الثيب الزاني ورجل قتل فأقيد والتارك للجماعة المفارق للإسلام ) .

فدل هذان الحديثان على أن الردء لا يحل قبله ؛ لأنه لم يوجد منه إحدى هذه الخصال الثلاث .

ومن القياس : أنه حد يجب بارتكاب معصية فوجب أن لا يجب على المعين عليها كحد الزنا ، والقذف ، والسرقة ، ولأن أبا حنيفة يقول : إن الردء لا يقتل إذا كان المباشر امرأة فكذلك إذا كان رجلاً وتحريره قياساً : أن من لم يباشر القتل والأخذ لم يجب عليه حدهما كالمرأة إذا باشرت ، فإن قال : المرأة لا يجري عليها حكم الحرابة .

قلنا : تجري عليها عندنا حكم الحرابة ، ولأن السبب والمباشرة إذا اجتمعا وتعلق الضمان بالمباشرة سقط حكم السبب كالممسك والذابح وحافر البئر والدافع يجب الضمان على الذابح دون الممسك ، وعلى الدافع في البئر دون الحافر ، كذلك اجتماع

الردء والمباشر في الحرابة .

فأما الجواب عن الآية فهو أن القتل وأخذ المال مضمران فيها فكأنه قال : إن يقتلوا إن قتلوا فإن قيل : فيكون المضمر فيها أو قتل بعضهم لم يصح ذلك من وجهين :

أحدهما : أنه زيادة إضمار لا يفتقر إليها الكلام .

والثاني : أن إضمار ما اتفق عليه أولى من إضمار ما اختلف فيه .