پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص361

ودليلنا : عموم قول الله تعالى : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً ) [ المائدة : 33 ] ولم يخص ، ولأن كل سبب وجب به الحد في غير المصر وجب به ذلك الحد في المصر كالزنا والقذف وشرب الخمر ، ولأنهم في المصر أغلظ جرماً من الصحراء لثلاثة أمور :

أحدها : أن الأغلب أمن المصر وخوف الصحراء .

والثاني : أن المصر في قبضة السلطان دون الصحراء .

والثالث : أن المصر يجمع في الإغلب ملك الإنسان ولا تجمعه الصحراء فكان احسن أحوالهم أن يكونوا في أغلظ الأمرين كأخفهما .

فأما الاستدلال بكبس الدار في المصر فسنذكر من حكم المصر ما يكون انفصالا عنه .

( فصل )

أما الصحراء فلا فرق فيها عند الشافعي بين ما قرب من المصر أو بعد عنه ، وأما القرى التي يقل جمعها فهي كالصحراء في ثبوت حكم الحرابة فيها ، وأما الأمصار الكبار التي لا يقاومون جميع أهلها فيجري عليهم في أطرافها حكم الحرابة كالقرى ، وأما وسط المصر في المواضع التي يتكاثر الناس فيها من أسواقهم ودورهم إذا كبسوا سوقاً منها فنهبوها أو داراً فأخذوا ما فيها ففي جريان حكم الحرابة عليهم وجهان :

أحدهما : وهو قول اكثر أصحابنا : أنه يجري عليهم حكم الحرابة ؛ لأنهم يعلنوا بالسلاح جهراً كالصحراء ، وحد الحرابة أن لا يقدر على دفع المحارب وهذا موجود .

والوجه الثاني : وهو قول الأقلين واختيار أبي حامد الإسفراييني : أنه لا تجري عليهم حكم الحرابة لوجود الغوث فيه غالباً فسقط حكم نادره .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ولا يقطع منهم إلا من أخذ ربع دينار فصاعداً قياساً على السنة في السارق ) .

قال الماوردي : قد ذكرنا اعتبار النصاب في قطع الحرابة كاعتباره في قطع السرقة ، وقيمة المأخوذ معتبرة في زمان الأخذ وفي مكانه إن كان موضعاً جرت العادة فيه ببيع وشراء ، ويوجد فيه من يبيع ويشتري ، وإن كان لا يوجد ذلك فيه اعتبرت قيمته في أقرب المواضع التي يوجد فيها بيع ذلك وشراؤه من القيم لا يعرف إلا بوجود مشتريه ، ولا تعتبر قيمة ذلك عند استسلام الناس لأخذ أموالهم بالقهر والغلبة لأمرين :

أحدهما : أنه لا قيمة لمال في تلك الحال المتلفة للأموال .