پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص360

والوطن ، ويشبه أن يكون مذهب مالك ، واختلف من قال بالحبس في تقديره على وجهين :

أحدهما : أنه غير مقدر بمدة ، ويعتبر فيه الإنابة وظهور التوبة .

والوجه الثاني : أنه مقدر ؛ لأنه قد أقيم في الحرابة مقام الحد ، واختلف القائلون بذلك في مقداره على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي عبد الله بن الزبيري ، أنه مقدر بستة أشهر لا ينقص منها ولا يزاد عليها ؛ لئلا لا يزيد على تغريب الزنا في حد العبد .

والوجه الثاني : وهو الظاهر من قول أبي العباس بن سريج : أنه مقدر بسنة ينقص فيها ولا يزاد عليها لئلا يزيد على تغريب الحد في حد الزنا وينقص منه ولو بيوم ؛ لئلا يبلغ بما ليس بحد حداً كما لا يبلغ بالضرب في التعزير أدنى الحدود .

( فصل )

ومن فعل الحرابة من المعاصي ما سوى القتل وأخذ المال كالزنا وشرب الخمر فحده في الحرابة كحده في غير الحرابة ، ولا يتغلظ حده في الحرابة بخلاف القتل حين يغلظ في الحرابة بانحتامه وأخذ المال حين يغلظ بزيادة قطع الرجل .

والفرق بينهما : أن مقصود الحرابة هو القتل وأخذ المال دون ما عداهما من سائر المعاصي ، فتغلظ فيها ما كان مقصوداً بها ولم يتغلظ منها ما لم يكن مقصوداً بها والله أعلم .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ وقطاع الطريق هم الذين يعترضون بالسلام القوم حتى يغصبوهم المال في الصحاري مجاهرة واراهم في المصر إن لم يكونوا أعظم ذنباً فحدودهم واحدة ) .

قال الماوردي : قد ذكرنا أن المحاربين من قطاع الطريق هم الذين يعترضون الناس بالسلاح جهراً ويأخذون أموالهم مغالبة وقهراً ، وسواء كانوا في صحراء أو مصر يجري عليه في الموضعين حكم الحرابة .

وقال مالك : لا يجري عليهم حكم الحرابة إلا أن يكونوا خارج المصر على ثلاثة أميال فصاعداً .

وقال أبو حنيفة : لا يجري عليهم حكم الحرابة في المصر ولا فيما قاربه من خارج المصر إذا كانا بحيث يدركهم في الوقت غوث أهل المصر ويجري عليهم حكمها إذا كانوا في صحراء لا يدركهم غوث المصر ؛ استدلالا بأن إدراك الغوث ينفي حكم الحرابة كمن كبس داراً في المصر فنهبها .