پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص358

وقولهم : إنه حد لا يقام على ميت فيقال لهم : هو وإن كان حداً فالمقصود به ردع غيره ؛ لأن المقتول لا يردع وإنما ردع به الأحياء والردع بالصلب موجود في الأحياء وإن كان بعد القتل ، فإذا صلب فمذهب الشافعي أنه يصلب ثلاثة أيام لا يزاد عليها إلا أن يتغير قبلها فيحط .

وحكي عن أبي علي بن أبي هريرة أن مدة صلبه معتبرة بأن يسيل صديده ولا يتقدر بزمان ، وهذا فاسد لأن قتله وصلبه لا يوجب سقوط حرمته وغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه لحرمة إسلامه ، وانتهاؤه إلى سيلان صديده يمنع من هذه الحقوق فلم تعتبر ، فلو مات هذا المحارب حتف أنفه لم يصلب بعد موته وإن صلب بعد قتله ، نقله الحارث بن سريج عن الشافعي نصاً .

والفرق بينهما : أن قتله حد مستوفى فيكمل بصلبه وموته مسقط لحده فسقط تأثيره .

( فصل )

ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى لقول الله تعالى : ( أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف ) [ المائدة : 33 ] وقد ثبت عن النبي ( ص ) أنه قطع يمين السارق فلذلك قطع في الحرابة يمين يديه ويسرى رجليه ، فإن فقدتا منه معاً وكانت يمنى يديه ويسرى رجليه معاً قد ذهبتا عدلنا إلى قطع يده اليسرى ورجله اليمنى كالسارق إذا عدمنا يمنى يديه عدلنا إلى يسرى رجليه ، ولو فقد هذا المحارب يده اليمنى وبقيت رجله اليسرى أو فقد رجله اليسرى وبقيت يده اليمنى ففيه وجهان :

أحدهما : وهو قول أبي حامد الإسفراييني : يؤخذ العضو الباقي وحده ويكون المفقود لبقاء هذا المأخوذ كما لو ذهب من يدي السارق بعض أصابعه قطع الباقي وكان الذاهب منها تبعاً لها .

والوجه الثاني : وهو عندي أشبه : أنه يكون الموجود تبعاً للمفقود ويصيران معاً كالمفقودين ، فيعدل إلى يده اليسرى ورجله اليمنى ؛ لأن قطع كل طرف منهما مقصود في نفسه وليس أحدهما : في أصل الخلقة من الآخر بخلاف الأصابع التي هي من خلقة الكف فافترقا ، ثم يقطعان معاً في حالة واحدة ولا يتوقف عن الثاني حتى يندمل الأول ؛ لأنهما حد واحد والحد الواحد لا يفرق ويستوفي جميعه في وقت واحد ، لكن ينظر في حسمها بالنار ، فإن خيف على نفسه من القطع الأول إن لم تحسم حسمت قبل القطع الثاني ، وإن أمن ذلك قطع الثاني ثم حسماً معا .

وأما اعتبار نصاب السرقة في هذا القطع فالظاهر من مذهب الشافعي رضي الله عنه وقد نقله المزني في مختصره عنه أنه معتبر فلا يقطع إلا أن يكون قدر المال الذي أخذه ربع دينار فصاعداً ، وحكى أبو علي بن خيران قولاً ثانياً أنه غير معتبر ، ويقطع في