الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص355
من قتل وأخذ المال قتل وصلب ، ومن قتل ولم يأخذ المال قتل ، ومن أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف ، وهذا بمنزلة المسند عن رسول الله ( ص ) ؛ لأن ما نزل به جبريل عليه السلام لا يعلم إلا منه ، وقد روي عن الشافعي عن ابن عباس أنه قال في قطاع الطريق إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا ، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا ، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف ، ونفيهم إذا هربوا أن يطلبوا حتى يوجدوا فيقام عليهم الحد ولم يروا عنه نزول جبريل وهو حجة أيضاً ، لأنه قول صحابي لم يظهر خلافه فكان حجة وابن عباس ترجمان التنزيل ، وحبر التأويل ، ولأن ما أمر الله تعالى به من الصلب لا يخلو من ثلاثة أحوال :
إما أن يكون للقتل وحده وهو مدفوع بوفاقه .
أو يكون لأخذ المال وحده ، وهو مدفوع بوفاقه .
أو يكون بهما جميعاً وهو مسلم بوفاقه ، وإذا كان مستحقاً فيهما لم يجز أن يكون مخيراً بينه وبين غيره لأمرين :
أحدهما : ما دللنا عليه من سقوط التخيير في هذه الآية .
والثاني : أنه حد واحد والتخيير فيه يخرجه عن الحدود الواجبة .
فأما الجواب عن استدلاله بأن اجتماع الحدود المختلفة لا يوجب تداخلها فمن وجهين :
أحدهما : أنه يقول في الزاني الثيب إذا سرق رجم ولم يقطع ، فبطل به استدلاله .
والثاني : أن ما لا يتداخل لا يكون فيه تخيير ، وقد أثبت التخيير ها هنا فبطل به استدلاله .
أحدها : وهو قول انس بن مالك والحسن البصري ، أن نفيهم إبعادهم من بلاد الإسلام إلى بلاد الشرك .
والثاني : وهو قول عمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير أنه إخراجهم من مدينة إلى أخرى .
والثالث : وهو قول أبي حنيفة وأصحابه أنه حبس من لم يجب عليه حد .
والرابع : وهو قول ابن عباس والشافعي أنه طلبهم لإقامة الحدود عليهم فيبعدوا . واستدل أبو حنيفة على أن نفيهم هو الحبس بأمرين :