الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص351
فأما الطنبور والمزمار وسائر الملاهي فاستعمالها محظور ، وكذلك اقتناؤها ، فإن سرقها من حرز لم يخل حالها من أن تكون مفصلة أو غير مفصلة ، فإن كان مفصلة قد زال عنها اسم الملاهي وبطل استعمالها في اللهو فيقطع سارقها إذا بلغ قيمتها نصاباً .
وقال أبو حنيفة : لا يقطع ؛ لأنها آلة لما قطع فيه ، وهذا فاسد ؛ لأن ما زالت عنه المعصية زال عنه حكمها كالخمر إذا صار خلاً ، وإن كانت غير مفصلة وهي على حال ما يستعمل في اللهو من سائر الملاهي ولم يخل أن يكون عليه ذهب وفضة أم لا ، فإن كان عليها ذهب وفضة قطع سارقها ؛ لأن الذهب والفضة زينة للملاهي فصار مقصوداً ومتبوعاً .
وقال أبو حنيفة : لا يقطع فيه بناء على أصله في سرقة ما يوجب القطع إذا ضم إليه مالاً يجب فيه القطع سقط القطع في الجميع ، وقد مضى الكلام معه في هذا الأصل إذا سرق إناء من ذهب فيه خمر قطع عندنا ، ولم يقطع عنده ، وإن لم يكن على الملاهي ذهب ولا فضة فضربان :
أحدهما : أن لا يصلح به بعد تفصيله لغير الملاهي فلا قيمة على متلفه ، ولا قطع على سارقه .
والضرب الثاني : أن يصلح بعد التفصيل لغير الملاهي فعلى متلفه قيمته مفصلاً ، وفي وجوب قطع سارقه وجهان :
أحدهما : وهو اختيار أبي علي بن أبي هريرة لا قطع فيه ؛ لأن التوصل إلى إزالة المعصية منه مندوب إليه فصار شبهة في سقوط القطع فيه .
والوجه الثاني : وهو اختيار أبي حامد الإسفراييني : يجب فيه القطع اعتباراً بقيمته بعد التفصيل والله أعلم .