پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص343

ومن القياس : أنه فعل يتعلق به وجوب الحد فلم يتعلق به وجوب المال كالزنا بمطاوعة لا يجمع فيه بين الحد والمهر ، ولأنه فعل يتعلق به وجوب الغرم والقطع فلم يجز أن يجمع بينهما كجناية العمد لا يجمع بين القصاص والدية ، ولأن استهلاك المال يمنع من الجمع بين الغرم والقطع كالغصب .

ودليلنا قوله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) [ المائدة : 38 ] فاقتضى الظاهر قطعه وإن أغرم وأبو حنيفة يمنع من قطعه إذا أغرم ويجعله مخيراً ، وقد جعله الله تعالى حتماً ، وقوله : ( جزاء بما كسبا ) يعود إلى الفعل دون المال ؛ لأن المال لا يدخل في كسبهما ، ولأن من غصب جارية فزنا بها وجب عليه الحد ويردها إن كانت باقية ويرد قيمتها إن كانت تالفة فيجمع عليه بين الحد والغرم كذلك في السرقة .

وتحريره قياساً : أن حدود الله تعالى لا توجب سقوط الغرم كالزنا بالجارية المغصوبة ، ولأن كل عين وجب القطع مع ردها القطع مع رد بدلها كما لو باعها السارق واستهلك ثمنها قطع مع رد بدل الثمن كما يقطع مع رد الثمن ، كذلك في حق الملك ، ولأن القطع وجب بإخراجها من الحرز والغرم وجب باستهلاكها ، وكل حقين وجبا بسببين مختلفين جاز الجمع بينهما كقتل الصيد المملوك يجمع فيه بين الجزاء والقيمة .

فأما الجواب عن الآية فهو ما استدللنا به منها .

وأما الجواب عن الخبر فهو أنه ضعيف ذكر الساجي أنه لم يثبته أحد من أهل النقل ، ولو صح لكان محمولاً على أحد وجهين :

إما أنه لا غرم عليه لأجرة قاطعه ؛ لأنها في بيت المال .

والثاني : أن العقوبات قبل الحدود كانت بالغرامات فلما فرضت الحدود سقط الغرم ، فكان قوله : ‘ إذا قطع السارق فلا غرم عليه ) إشارة إلى إلى الغرم الذي كان حداً .

وأما الجواب عن قياسه على الزنا بالمطاوعة فهو أنها بذلت نفسها وأسقطت مهرها ، وأما الجواب عن قياسه على الجنايات فهو أنهما وجبا بسبب واحد لمستحق واحد فلم يجتمعا والقطع والغرم وجبا بسببين لمستحقين فجاز أن يجتمعا كما يجتمع في قتل العبد المملوك القيمة والكفارة ، فأما مالك فمدخول القول ؛ لأن الغرم إن وجب لم يسقط عنه بالإعسار إذا أيسر ، وإن لم يجب لم يستحق عليه بوجود اليسار فلم يكن لقوله وجه وبالله التوفيق .