الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص342
قال الماوردي : إذا كانت السرقة باقية فإنها ترد على مالكها ، ويقطع سارقها ، وهو إجماع ، وإن كانت تالفة فقد اختلف الناس في حكمها على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب الشافعي : أنه يغرمها السارق ويقطع ، سواء تقدم الغرم على القطع أو تأخر عنه ، وسواء كان موسراً أو معسراً .
وبه قال من التابعين الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، والزهري ، ومن الفقهاء الأوزاعي ، والليث بن سعد ، وابن شبرمة ، وأحمد بن حنبل .
والمذهب الثاني : وهو مذهب أبي حنيفة : أنه لا يجمع عليه بين الغرم والقطع ، فإن قطع لم يغرم وإن أغرم لم يقطع وربها قبل الغرم والقطع بالخيار بين أن يطالب بالغرم فلا يقطع وبين أن يمسك عنه فيقطع ، ولو قطع والسرقة باقية فأتلفها أجنبي لم يضمنها للسارق ؛ لأنه غير مالك ولا لربها ؛ لأن لا يجمع بين القطع والغرم وقال : لو سرق حديداً فضربه كوزاً فقطع لم يرد الكوز ، لأنه صار كالعين الأخرى ، ولو سرق ثوباً فصبغه أسود لم يرده إذا قطع ؛ لأنه صار بالسواد كالمستهلك ، ولو صبغه أحمر رده لا يجعله كالمستهلك .
والمذهب الثالث : وهو قول مالك : أنه إن كان موسراً قطع وأغرم كقولنا ، وإن كان معسراً قطع ولم يغرم إذا أيسر كقول أبي حنيفة ، واحتج من منع الجمع بين الغرم والقطع بقول الله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا ) [ المائدة : 38 ] فجعل جزاء سرقته القطع دون الغرم ، وبحديث عبد الرحمن بن عوف أن النبي ( ص ) قال : ‘ إذا قطع السارق فلا غرم عليه ) وهذا نص .