پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص337

السارق لما تحملهما من الشبهة التي يدرأ بها الحدود .

والمذهب الثالث : وهو قول أبي الطيب بن سلمة وأبي حفص بن الوكيل : أن الجواب على ظاهر نصه فيه ، فيحد الزاني قبل حضور السيد ، ولا يقطع السارق قبل حضور المسروق منه .

والفرق بينهما من وجهين :

أحدهما : أن المال يستباح بالإباحة والوطء لا يستباح وكانت الشبهة في السرقة أقوى .

والثاني : أن القطع في السرقة تابع لحق الآدمي فكان موقوفاً على حضوره ، وحق الزنا خالص لله تعالى فلم يوقف بعد ثبوته على حضور من لا حق له فيه وإن ثبتت السرقة والزنا بإقرار السارق والزاني فقد اختلف أصحابنا على وجهين :

أحدهما : وهو قول أبي حامد الإسفراييني أنه كثبوته بالشهادة فيكون على ما تقدم من المذاهب الثلاثة ؛ لأن الحدود تستوفى بكل واحد منها .

والوجه الثاني : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة . والصحيح عندي : أنهما يستوفيان فيقطع السارق ويحد الزاني وجها واحداً ، ولا يوقف على حضور السيد والمسروق منه .

والفرق بين البينة والإقرار من وجهين :

أحدهما : قوة الشبهة في الشهادة وضعفها في الإقرار .

والثاني : أن إقراره على نفسه أقوى من شهادة غيره عليه ، والله أعلم .

( فصل )

فإذا تقرر ما ذكرنا من شرح المذهب في قطع السارق قبل حضور الغائب ، فإن قلنا يعجل قطعه ولا يؤخر انتزعت منه السرقة إن كانت عيناً ؛ وأغرم قيمتها إن كانت مستهلكة ، ووقفت على حضور الغائب ، وإن ادعاها سلمت إليه ، وإن أنكر نظر ، فإن كان ثبوتها بشهادة ردت عليه السرقة ، وإن كان ثبوتها بإقرار لم ترد ، وكانت في بيت المال حتى يثبت بها مستحق ؛ لأنه في الإقرار منكر لاستحقاقها ، وفي الشهادة غير منكر لاستحقاقها ، ولو اقر رجل بدين لغائب ترك عليه ولم يؤخذ منه بخلاف السرقة ؛ لأن صاحب الدين راض بذمته وصاحب السرقة غير راض بها .

وإن قلنا : يؤخر قطعه ولا يعجل لم تخل السرقة من أن تكون باقية أو مستهلكة ، فإن كانت مستهلكة استقر غرمها في ذمته ولم تقبض منه لتكون ذمته مرتهنة بها ، ويحبس على حضور الغائب بحقه وحق الله تعالى في قطعه ، وإن كانت باقية في يده حجر عليه فيها حفظاً لها ولم تنتزع منه لتكون باقية في ضمانه ، وهل يحبس على حضور الغائب أم لا ؟ على وجهين :