الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص336
وقال أبو حنيفة : هذه الشهادة كاملة يجب بها القطع لاتفاقهما على الجنس فلم يؤثر اختلافهما في الصفة ، وهذا فاسد ؛ لأن اختلافهما في الصفة يمنع من اتفاقهما على العين فصار كاختلافهما في الجنس المانع من الاتفاق على العين ، فوجب أن يكون القطع فيهما ساقطاً .
وأما البينة الخاصة الموجبة للغرم دون القطع فهي شاهد وامرأتان ، وشاهد ويمين ؛ لأنها بينة توجب المال ولا توجب الحد ، وفي السرقة مال وحد ، فإن ثبت بينة الحدود جمع بين الغرم والقطع ، وإن قام بينة الأموال وجب الغرم دون القطع ، ولا يلزم في هذه الشهادة ذكر الحرز وصفة السرقة ؛ لأنهما شرطان في القطع دون الغرم ، وإن عدم المدعي البينة فلم يقمها على حد ولا مال أحلف السارق على إنكاره وسقط عنه إذا حلف الغرم والقطع ، فإن نكل عن اليمين ردت على المدعي ، فإذا حلف حكم له بالغرم ، فأما القطع فلا يجب لأنه من حدود الله تعالى المحضة التي لا تدخلها الأيمان في إثبات ولا إنكار فصارت اليمين فيه مقصورة على الغرم دون القطع .
أحدها : وهو قول أبي العباس بن سريج ، وأبي علي بن أبي هريرة : أن الجواب في قطع السرقة وحد الزنا واحد يوقفان معاً على حضور المسروق منه وحضور سيد الأمة ، فإن ادعيا ذلك قطع السارق وحد الزاني ، وإن أنكراه أو ذكرا شبهة له في الملك أو الفعل لم يقطع السارق ولم يحد الزاني ، وزعم قائل هذا الوجه أن المنقول عن الشافعي في حد الزاني بالأمة سهو من ناقله ؛ لأن الحدود تدرأ بالشبهات .
والمذهب الثاني : هو قول أبي إسحاق المروزي : أن الجواب في كل واحد منهما منقول إلى الآخر ويكونان على قولان :
أحدهما : يقطع السارق ويحد الزاني على ما نص عليه في حد الزنا لما فيها من حقوق الله تعالى التي لا يجوز إضاعتها .
والقول الثاني : لا يقطع السارق ولا يحد الزاني على ما نص عليه في قطع