الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص332
قال الماوردي : اعلم أنه لا يخلو ثبوت السرقة من أحد أمرين .
إما أن تكون عن دعوى المالك أو يغير دعواه ، فإن كان عن دعوى المالك فثبوتها على السارق ، ويكون إما بإقرار أو بينة ، فإن كان بإقرار حكم عليه بالسرقة بإقرار مرة واحدة ، وبه قال مالك وأبو حنيفة ، وإن خالفا في الزنا فلم يحداه إلا بإقراره أربع مرات اعتباراً بعدد الشهادة فيه ، ووافقا في السرقة أنها تلزمه بإقرار مرة واحدة ولا يعتبر عدد الشهادة فيه .
وقال ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة وأبو يوسف ، وزفر ، وأحمد ، وإسحاق : لا تثبت السرقة عليه إلا أن يقر بها مرتين اعتبارا بعدد الشهادة فيه كالزنا ؛ لأنها حد لله تعالى ، واحتجاجاً بأن سارقاً أقر عند علي عليه السلام بالسرقة فانتهره ، فأقر ثانية فقال الآن أقررت مرتين ، وقطعه .
ودليلنا قول النبي ( ص ) : ‘ من أتى من هذه القاذروات شيئاً فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه ) ولأنه حق يثبت بالإقرار فلم يفتقر إلى التكرار كسائر الحقوق .
فأما انتهار علي المقر فالظاهر منه التنبيه على رجوعه منه فلم يجز أن يعدل به عن ظاهره .