پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص327

والثالث : أن تكون من الحقوق المشتركة .

فأما الضرب الأول وهو أن تكون من حقوق الآدميين المحضة فلا يخلو مستحقها من أن يكون مسلماً ، أو ذمياً ، أو معاهداً ، فإن كان مسلماً استوفيت حقوقه منهم ، سواء كانت في بدن كالقصاص وحد القذف ، أو في مال كالديون والغصوب ، وإن كان مستحقها ذمياً منهم ، نظر فإن كانت عن غير مراضاة كالقصاص في الجناية ، والغصوب في الأموال لزم استيفاؤها منهم ؛ لأن دار الإسلام تمنع من التعدي والتغالب .

وإن كانت عن مراضاة كديون المعاملات فإن لم يتحاكموا فيه إلينا تركوا ، وإن تحاكموا إلينا ففي وجوب استيفائها منهم ولهم قولان على ما مضى .

وإن كان مستحقها معاهداً فإن كانت في بدن القصاص وجب استيفاؤها منهم ؛ لأن حفظ نفوس أهل العهد واجب علينا ، وإن كانت في مال نظر فإن كان لأموالهم أمان علينا وجب استيفاؤها لهم ، وإن لم يجب لأموالهم أمان لم يجب استيفاؤها لهم ، واسترجعها الإمام ممن أخذها من أهل الذمة لبيت المال ؛ لأن ما دخل دار الإسلام من الغنائم مستحق للمسلمين دون أهل الذمة .

والضرب الثاني : وهو أن يكون من حقوق الله تعالى المحضة فهي حقان : قتل بردة ، وحد في زنا .

فأما الردة فمن ارتد منهم إلى ما لا يقر عليهم من الأديان استتيب ، فإن تاب وإلا قتل كالمسلم ، ولا يلزم أن يبلغ مأمنه ؛ لأن إبلاغ المأمن يلزم بانتقاض الذمة وليس هذا منه نقضاً لذمته .

وأما الزنا فإن كان بمسلمة حد إن كان محصناً بالرجم ، وإن كان بكراً بالجلد ، وكان نقضاً لذمته ؛ لأنه من شروط ذمته فيبلغ مأمنه ثم يكون حرباً وإن زنا بذمية ففي وجوب حدهما قولان من نفوذ أحكامنا عليهم ، ولا يكون ذلك نقضاً لذمتهم ، لكن لا يقرون على ارتكاب الزنا في دار الإسلام ؛ لأنها تمنع من ارتكاب الفواحش فيستتابون منه فإن تابوا وإلا نبذ إليهم عهدهم ، ثم كانوا بعد بلوغ مأمنهم حرباً .

فأما إن ناكحوا ذوات محارمهم فإن كانوا لا يعتقدون إباحته في دينهم كاليهود لم يقروا عليه ، وصار منهم كالزنا ، وإن اعتقدوا إباحته كالمجوس اقروا عليه .

فأما شرب الخمور فيمنعون من المجاهرة بها ولا يمنعون من شربها لاستباحتهم لها في دينهم ، فلا حد عليهم .

فإن قيل : فهلا حددتموهم وإن استباحوها كما تحدون المسلم في شرب النبيذ وإن على رأي أبي حنيفة .