پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص325

والوجه الثاني : يمكن من قطعها في السرقة وإن لم يمكن من قطعها قصاصاً ، لأن قطع السرقة موضوع للزجر وهو حاصل إذا تولاه بنفسه وقطع القصاص موضوع للتشفي فكان مستحق التشفي أولى به .

( فصل )

ولا يقطع في حر شديد ولا برد شديد خوفاً من تلفه فيه ، كما لا يحد الزاني في شدة حر ولا برد ، وكذلك لا يقطع في مرض يرجى زواله ؛ لأن القطع فيه أشد خوفاً ، وكذلك الحامل لا تقطع في حملها خوفاً عليها وعلى حملها ، ولا في نفاسها خوفاً عليها ؛ لئلا لا يجتمع دم النفاس ودم القطع فيفضي إلى تلفها ، قد منع رسول الله ( ص ) من قطع جارية نفساء حتى ينقطع دمها .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ وإن سرق الخامسة عزر وحبس ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، لا يتجاوز بالسارق قطع أطرافه الأربعة في أربع سرقات ، فإن سرق في الخامسة عزر ولم يقتل ، وهو قول جمهور الفقهاء وحكي عن عثمان بن عفان وعطاء وعبد الله بن عمرو بن العاص ، وعمر بن عبد العزيز أنه يقتل في الخامسة ؛ لرواية جابر بن عبد الله قال أتي رسول الله ( ص ) بسارق فقطع يده ، ثم أتى به قد سرق فقطع رجله ، ثم أتي به قد سرق فقطع يده ، ثم أتي به قد سرق فقطع رجله ، ثم أتي به قد سرق فأمر به فقتل .

ودليلنا ما قدمناه من رواية أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي ( ص ) قال : ‘ إذا سرق السارق فاقطعوا يده ، فإن عاد فاقطعوا رجله ، فإن عاد فاقطعوا يده ، فإن عاد فاقطعوا رجله ) وهذا قول قصد به ( ص ) البيان ، ولو وجب قتله في الخامسة لأبانه كما أبان قطعه في الأربع ؛ لأنه لا يجوز أن يمسك عن بعض البيان كما لا يجوز أن يمسك عن جميعه وهو أولى من حديث جابر ؛ لأنها قضية في عين يجوز أن تحتمل وجوها .

وقد روى الزهري أن القتل منسوخ ؛ لأنه رفع إليه في الخامسة فلم يقتله ، وعلى أن الصحابة بعده أجمعوا على ترك القتل فدل على تقدم نسخه ، وإن لم ينقلوه ، ولأن كل معصية أوجبت حداً لم يكن تكرارها موجباً للقتل كالزنا والقذف .

( مسألة )

قال الشافعي : ‘ ولا يقطع الحربي إذا دخل إلينا بأمان ويضمن السرقة ) .

قال الماوردي : وهذا صحيح ، وجملته أنه لا يخلو حال المقيم في دار الإسلام من ثلاثة أقسام مسلم ، وذمي ، ومستأمن .