پایگاه تخصصی فقه هنر

الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص324

يتبين مفصلها ، ويتولى قطعه مأمون عارف بالقطع بأحد سكين وامضاها ، ولا يضربها بالسكين فربما يخطئ موضع المفصل ، ولكن يضع السكين عليها ويعتمد جذبها بقوته حتى تنفصل بجذبة واحدة لا يكررها فإن لم تنفصل بجذبة واحدة أعادها حتى تنفصل ، ولا يدق السكين بحجر ، فإذا انفصلت حسم موضع القطع من يده فإن كان بدوياً حسم بالنار ؛ لأنها عادتهم ، وإن كان حضرياً أغلى لها الزيت وحسمت فيه ؛ لأن حسمها بالنار والزيت يسد أفواه العروق فتنقطع مجاري الدم فيقل الخوف على نفسه .

وقد روى محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن رسول الله ( ص ) أتي بسارق سرق شملة فقال رسول الله ( ص ) : ‘ ما إخاله سرق ) فقال السارق : بلى يا رسول فقال رسول الله ( ص ) : ‘ أذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به ) فقطع وأتي به فقال : ‘ تبت إلى الله ) فقال قد تبت إلى الله قال : ‘ تاب الله عليك ) .

فإن امتنع المقطوع من حسم يده فإن كان قطعها في قصاص لم يجبر على حسمها لخروجه عن حدود الله ، وإن كان قطعها في سرقة ففي إجباره على حسمها وجهان :

أحدهما : يجبر على حسمها ؛ لأنه من تمام حد الله تعالى فيه .

والوجه الثاني : لا يجبر ؛ لأنه يجري مجرى التداوي عن مرض ، وكما لا يجوز في القصاص ، ولا يجوز أن يحبس بعد قطعه ولا يشهر في الناس ؛ لأن قطعه شهرة كافية ويطلق لوقته ، ومن السنة أن يشد كفه المقطوعة في عنقه عند إطلاقه ، روى عبد الرحمن بن محيريز قال : سألنا فضالة بن عبيد عن تعليق يد السارق في عنقه أمن السنة هو ؟ قال : أتي النبي ( ص ) بسارق فقطعت يده ثم أمر بها فعلقت في عنقه .

( فصل )

وأما أجرة القاطع وثمن الزيت لحسم يده ففي بيت المال ؛ لأن ذلك من عموم المصالح ، فإن كان القطع يكثر جعل للقاطع والجلاد رزق ، وإن كان يقل أعطى أجرته كلما قطع أو جلد ، فإن لم يكن في بيت المال مال لم يؤخذ بثمن الزيت ؛ لأنه كالدواء الذي لا يجبر على ثمنه ، وأخذ بأجرة القاطع من ماله ؛ لأن عليه تسليم حد الله تعالى من نفسه ، فإن قال : أنا أتولى قطع يدي بنفسي ففي تمكينه منه وجهان :

أحدهما : لا يمكن كما لا يمكن من قطعهما قصاصاً .