الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص321
والقسم الخامس : أن لا يكون له يمنى وتكون قد ذهبت قبل سرقته إما بجناية أو علة ، فلا يسقط قطع السرقة بذهابها بخلاف الذاهبة بعد سرقته .
والفرق بينهما أن القطع قد تعين فيها إذا تأخر ذهابها فسقط بذهابها ، وإذا تقدم ذهابها تعيين القطع في غيرها فلم يسقط بذهابها ، وإذا كان كذلك وجب العدول إلى قطع رجله اليسرى ؛ لأن ذهاب اليمنى يجعل السرقة الأولى في حكم الثانية ، والمقطوع في الثانية رجله اليسرى دون اليد الأخرى ، والله اعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح ؛ تقطع في السرقة الثانية رجله اليسرى وهو قول الجمهور من الفقهاء وقال عطاء تقطع يده اليسرى ؛ لأنها إلى اليد اليمنى أقرب من الرجل ، فكان العدول منها إلى ما قاربها أولى من العدول إلى ما بعد عنها .
وهذا خطأ ؛ لرواية أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي ( ص ) أنه قال : ‘ إذا سرق السارق فاقطعوا يده فإن عاد فاقطعوا رجله ، فإن عاد فاقطعوا يده ، فإن عاد فاقطعوا رجله ) .
وروي أن نجدة الحروري كتب إلى عبد الله بن عمر يسأله هل قطع رسول الله ( ص ) بعد يد السارق يده أو رجله فقال ابن عمر : قطع رجله بعد اليد .
ولأنه فعل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وليس لهما في الصحابة مخالف ، فكان إجماعاً ، ولأنه لما قطع في الحرابة الرجل بعد اليد وجب أن يكون في قطع السرقة مثله .
فإذا ثبت قطع رجله اليسرى في السرقة الثانية قطعت من مفصل الكعب ولم تقطع إلا بعد اندمال يده ؛ لئلا يتوالى عليه القطعان فيتلف وإن جمع بين قطعهما في الحرابة ، والفرق بينهما أن قطعهما في الحرابة حد واحد ، والحد واحد يجمع ولا يفرق ، وقطعهما في السرقة حدان ، والحدان لا يجمع بينهما ، ويفرقان .
قال الماوردي : وهذا كما قال : يقطع السارق في الثالثة والرابعة ، فتقطع في الثالثة يده اليسرى ، وتقطع في الرابعة رجله اليمنى ، وبه قال مالك وإسحاق .