الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص312
أحدهما : يقطع بعد قطع السارق الأول ؛ لأنه سرق مالاً من حرز مثله .
والوجه الثاني : لا يقطع ؛ لأنه في غير حرز مستحق فصار كغير المحرز .
وقال أبو حنيفة : يقطع أن سرق من الغاصب ولا يقطع إن سرق من السارق ، والحكم فيهما سواء عندنا ، ويكون الخصم في قطع هذا السارق هو المالك دون الغاصب والسارق ، هذا قول أصحابنا ، وعندي أن على كل واحد من المالك والغاصب والسارق خصم فيه ؛ أما المالك فلأجل ملكه ، وأما الغصب والسارق فلأجل ضمانه .
وقال أبو حنيفة : الخصم في السرقة المالك ، وفي الغصب الغاصب ، وليس للفرق بينهما وجه إلا على أصله أن السارق لا يغرم السرقة إذا قطع وهو بناء خلاف على خلاف والله اعلم .
قال الماوردي : وإما إذا كان العبد غير آبق فقطعه إذا سرق واجب ، فأما إذا كان آبقا فسرق في إباقه فقد اختلف في وجوب قطعه على ثلاثة مذاهب :
أحدها : وهو مذهب الشافعي : يقطع ، سواء طولب في إباقه أو بعد مقدمه .
والثاني : وهو مذهب مالك : لا يقطع ، سواء طولب في إباقه أو بعد مقدمه ؛ لأنه في الإباق مضطر ، ولا قطع على مضطر .
والثالث : وهو مذهب أبي حنيفة : يقطع إن طولب بعد مقدمه ولا يقطع إن طولب في إباقه ؛ لأن قطعه قضاء على سيده وهو لا يرى القضاء على الغائب .
والدليل على وجوب قطعه في الحالين عموم الآية ، ولم يفضل بين حر وعبد .
وروى نافع أن عبداً لعبد الله بن عمر سرق وهو آبق ، فبعث به إلى سعيد بن العاص وكان أمير المدينة ليقطعه ، فقال سعيد : كيف أقطع آبقاً ، فقال عبد الله بن عمر : في أي آية من كتاب الله وجدت هذا ؟ وأمر ابن عمر فقطعت يده ، ولأنه حد يقام على غير الآبق فوجب أن يقام على الآبق كحد الزنا ، ولأن الإباق معصية إن لم يزده تغليظاً لم يتغلظ عنه حداً ، فأما الاضطرار فلو كان علة لفرق بين المضطر وغيره ولفرق بين ما تدعو الضرورة إليه ولا تدعو .
أما قوله إنه قضاء على السيد ، فليس صحيح ؛ لأن السيد لو أقر به لم يلزمه ، ولو أقر به العبد لزم ، فعلم أنه قضاء على العبد دون السيد .