الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص306
المعلم ، ولو تعين لكان تلقينه من لفظ القارئ كافياً ، وعن المصحف مغنياً ، وخالف مال بيت المال المشترك بين كافة المسلمين المعد لمصالحهم ، والخير محمول على الاستحباب والندب .
وأما الاختلاف في جواز بيعه فلا يمنع من وجوب القطع فيه عند من يرى جواز بيعه كجلود الميتة إذا دبغت ، وكالعاج عندهم إذا حدثت فيه صنعة .
أحدهما : وهو قول البغداديين أنه لا يقطع لاشتراك الكافة فيها فأشبه مال بيت المال .
والوجه الثاني : وهو قول البصريين : أنه يقطع كأستار الكعبة وما أعد للزينة .
وقال أبو حنيفة : لا يقطع في شيء من ذلك كله ، وبه قال أبو علي بن أبي هريرة لأمرين :
أحدهما : لاشتراك الكافة فيها كأموال بيت المال .
والثاني : أنه لا يتعين فيه خصم مطالب .
ودليلنا مع عموم الكتاب والسنة ما رواه الحسن البصري : أن أول من صلب في الإسلام رجل من بني عامر بن لؤي سرق كسوة الكعبة فصلبه النبي ( ص ) وهذا يحتمل أن يكون قد صلبه ؛ لأنه جعله ممن سعى في الأرض فساداً .
وروى ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قطع سارقا سرق من أستار الكعبة وأن عثمان بن عفان رضي الله عنه قطع سارقاً سرق قطيفة من منبر رسول الله ( ص ) وليس يعرف لهما مخالف فكان إجماعاً .
ولأنه مال يضمن باليد ويغرم بالإتلاف فجاز أن يجب فيه القطع كسائر الأموال ، ولأن القطع حق لله تعالى ، فإذا وجب في حقوق الآدميين فأولى أن يجب في حقوق الله تعالى ؛ لأن تحريمها أغلظ وتملكها محرم .
فأما استدلالهم بمال بيت المال فقد تقدم الجواب عنه ، وأما استدلالهم بالخصم فيه فهو حق لكافة المسلمين والإمام ينوب عنهم فيه .