الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص304
ودليلنا حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي ( ص ) قال : ‘ القطع في ربع دينار ) ومعناه ربع دينار أو ما قيمته ربع دينار ، وليس الحر واحداً منهما فلم يقطع بسرقته ، ولأنه حيوان لا يضمن باليد فلم يجب فيه القطع كالكبير ، ولأنه ليس بمال فلم يقطع فيه كالخمر والخنزير ، وبهذه الأدلة خصصنا عموم الآية ، وقياسه على العبد منتقض بالكلب والخنزير ، ثم المعنى في العبد أنه مال وليس الحر مالاً والله أعلم .
أحدهما : أن يكون الحلي والثياب للصبي من ملابسه ، ففي وجوب قطعه لأجل الحلي والثياب وجهان :
أحدهما : وهو قول أبي علي بن أبي هريرة : يقطع إذا تناوله من حرز الصبي ، وحرز الصبي أن يكون في دار أو على بابها بحيث يرى ، أو يكون مع حافظ ؛ لأن ما يجب فيه القطع لا يسقط إذا اقترن بما لا يوجب القطع .
والوجه الثاني : لا قطع عليه ؛ لأن يد الصبي عليه وهو حرز له فصار سارقاً للحرز والمحرز فإن أخذه من الصبي مستخفياً قطع لأخذه من حرزه ، وإن أخذه مجاهراً ، فإن كان للصبي تمييز ينكر به أخذ ذلك منه لم يقطع ؛ لأنه يصير كالغاصب ، وإن لم يكن له تمييز ينكر به أخذه منه قطع .
والضرب الثاني : أن يكون الحلي والثياب لغير الصبي ومن غير ملابسه ، فلا يخلو أن يأخذ من حرز أو من غير حرز ، وحرزه هو حرز الحلي والثياب لا حرز الصبي فإن أخذه من حرزه قطع وجهاً واحداً ؛ لأن يد الصبي عليه ، وليست يد مالك ولا حافظ وإن أخذه من غير حرز لم يقطع وجهاً واحداً ؛ لما عللنا من أنه لا يدل عليه لمالك ولا ولا في حرز لمالك ، والله أعلم .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا سرق مصحف القرآن أو كتب الفقه أو الشعر والنحو . . . وجميع الكتب قطع فيها إذا بلغت قيمتها نصاباً .
وقال أبو حنيفة : لا قطع في المصحف ، ولا في جميع الكتب المكتوبة أو غير المكتوبة في العلوم الدينية وغير الدينية وإن كانت محلاة بفضة أو ذهب إلا أن يكون ورقاً بياضاً لا كتابة فيه أو جلداً مفرداً على غير كتاب فيقطع فيه استدلالا بثلاثة أشياء :