الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص303
بالسرقة فلم يسقط بالهبة كالسرقة في الحرابة ، ولأنه ملك حدث بعد وجوب الحد فوجب أن لا يسقط به الحد قياساً على ما لو زنا بأمة ثم ابتاعها أو بحرة ثم تزوجها .
فأما الجواب عن قياسه عليه ولو مكلها قبل إخراجها فهو أنه ملكها قبل وجوب القطع ، فصار كما لو ملك الأمة قبل وجوب الحد .
وأما الجواب عن جمعه بين ما طرأ وتقدم فهو انتفاضة بخراب الحرز . ثم الفرق بينهما ما قدمناه ، وأما الجواب عن سقوط المطالبة فهو أن أصحابنا قد اختلفوا فيها على وجهين :
أحدهما : وهو قول أبي إسحاق المروزي : أنها ليست بشرط في القطع فيسقط معه الاستدلال .
والوجه الثاني : وهو قول الأكثرين أنها شرط في استيفاء القطع ، فعلى هذا يسقط بها استيفاؤه مع وجوبه كالحقوق التي ليس لها مطالب بها .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، وليس يخلو حال العبد إذا سرق من أن يكون في حرز أو في غير حرز ، فإن كان في غير حرز فلا قطع على سارقه صغيراً كان أو كبيراً ، وإن كان في حرز وحرزه إما أن يكون داراً مغلقة الباب أو مع سيده ، فلا يخلو حاله من أحد أمرين :
أحدهما : أن يكون عاقلاً مميزاً ، يفرق بين أمر سيده وغير سيده فلا قطع على سارقه ، لأن هذا يكون مخادعاً ولا يكون مسروقا .
والثاني : أن يكون صغيراً أو أعجمياً لا يعقل عقل المميز ، ولا يفرق بين أمر سيده وغيره فالقطع على سارقه واجب ، وبه قال أبو حنيفة ومالك ومحمد .
وقال أبو يوسف : لا قطع عليه ؛ لأنه لما لم يقطع بسرقته إذا كان كبيراً لم يقطع بها إذا كان صغيراً كالحر ، وهذا خطأ ؛ لأنه حيوان مملوك لا تمييز له فوجب أن يقطع بسرقته كالبهيمة .
وقال مالك : يقطع لعموم قول الله تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) [ المائدة : 38 ] ولأنه حيوان لا يميز فوجب أن يقطع سارقه كالعبد ، ولأنه لما قطع بسرقة ماله كان أولى أن يقطع بسرقة نفسه .