الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص297
فلذلك قطع ، وسواء أخذها أو تركها ، وهكذا لو نزل زقاً فيه دهن أو عسل فجرى منه إلى خارج الحرز قطع إن أمكن أن يؤخذ منه بعد خروجه قيمة النصاب ، وإن تمحق عند خروجه حتى لا يمكن أخذه ضمن ولم يقطع ؛ لأنه قد صار كالمستهلك في الحرز .
ويجيء على قول أبي حنيفة : أن يسقط عنه القطع والضمان ، وعلى قول مالك أن يسقط عنه الضمان ولا يسقط القطع .
وقد مضى الكلام في الضمان في الوديعة إذا تعدى فيها ثم كف ، وسيأتي الكلام مع أبي حنيفة في السرقة إذا وهبت له بعد وجوب القطع .
قال الماوردي : وصورتها في ثلاثة اشتركوا في نقب حرز وحملوا بينهم ما سرقوه مشتركين في حمله ، فإن بلغت قيمته ثلاثة نصب ، وكانت حصة كل واحد منهم نصاباً قطعوا إجماعاً ، سواء خف أو ثقل ، وإن كانت قيمته نصاباً وحصة كل واحد منهم أقل من نصاب لم يقطعوا ، سواء خف أو ثقل ، وبه قال أبو حنيفة .
وقال مالك : إن كان ثقيلاً لا يقدر أحدهم على حمله قطعوا ، وإن كان خفيفاً يقدر أحدهم على حمله لم يقطعوا في إحدى الروايتين عنه كقولنا ، وقطعوا في الرواية الثانية عنه كالثقل ؛ استدلالا مع عموم الكتاب والسنة بأمرين :
أحدهما : أن قطع السرقة معتبر بشرطين هتك الحرز ، وسرقة النصاب ، ثم ثبت أنهم لو اشتركوا في هتك الحرز جرى عل كل واحد منهم حكم المنفرد بهتكه ، كذلك إذا اشتركوا في سرقة النصاب وجب أن يجري على كل واحد منهم حكم المنفرد بسرقته .
والثاني : أن الواحد لو سرق نصاباً مشتركاً بين جماعة قطع ، وإن سرق الجماعة من الواحد نصاباً لم يقطعوا وإن سرق كل واحد أقل من نصاب اعتباراً بالقدر المسروق في الموضعين ؛ لأن سرقة الواحد من الجماعة كسرقة الجماعة من الواحد .
ودليلنا هو أن سرقة كل واحد لم يبلغ نصاباً فوجب أن لا يقطع كالمنفرد ، ولأن موجب السرقة شيئان : غرم وقطع ، ثم ثبت أن غرم كل واحد منهم معتبر بنفسه ، فوجب أن يكون قطعه معتبراً بنفسه ، ولأنه لما امتنع إذا سرق الواحد من ثلاثة أحراز نصاباً أن يقطع ولا يبنى بعض فعله على بعض كان امتناع قطع الثلاثة وإذا سرقوا من