الحاوی الکبیر فی فقه مذهب الامام الشافعی و هو شرح مختصر المزنی-ج13-ص288
السوق ، فتكون حوانيت سوق الدقيق حرزاً للدقيق ولا تكون حرزاً للصيدلة ؛ لأن أبوابها في العرف أضعف وأغلاقها أسهل ، وحوانيت سوق الصيدلة حرزاً للصيدلة ، ولا تكون حرزاً للعطر ؛ لأن أحراز العطر أغلظ وأصعب ، وأغلاقها أشد ، وحوانيت سوق العطر حرز للعطر ، ولا تكون حرزاً للبز ؛ لأن إحراز البز اغلظ ، وحوانيت سوق البز حرز للبز ، ولا تكون حرزاً للصيارف في الفضة والذهب ؛ لأن حرز الفضة والذهب أغلظ ، وقل ما أحرز الصيارف الفضة والذهب في حوانيتهم إلا مع الغاية في عدل السلطان وأمن الزمان ، فإن انتهى الزمان إلى هذا الحال في عدله وأمته كانت حوانيتهم حرزاً لأموالهم والدراهم والدنانير بعد أن يكون بناؤها محكماً وأبوابها وثيقة وأقفالها صعبة ، ويكون على أسواقهم دروب ، وكذلك أسواق البزازين إذا أحرزوا البز في حوانيتهم ، ويكون فيها مع الدروب حراس ، ولا يلزم أن يبيت في الحوانيت أربابها لخروجه عن العرف ، وإن كان الزمان منتشر الفساد قليل الأمن لم تكن حوانيت الصيارف والبزارين حرزاً لأموالهم من الفضة والذهب والبز حتى ينقلوها في الليل إلى مساكنهم أو خاناتهم فهذا حكم الحوانيت .
فأما النهار فيجوز أن يكون أبوابهم مفتوحة إذا كانوا أو واحد منهم يرى الداخل إليها والخارج منها ، وإن لم يروه لم يكن حرزاً إلا بغلق الباب ، وإغلاقه في النهار أخف من أغلاقه في الليل ، فلا تكون في الليل حرزاً إلا بعد غلق أبوابها وإحكام إغلاقها ، ثم لأمتعة بيوتهم حالتان :
إحداهما : ما كان جافياً للبذلة كالبسط والأواني فصحون مساكنهم حرز لها .
والثاني : ما كان من ذخائرهم ونفيس أموالهم فالبيوت المغلقة في المساكن حرز لها ، ولا يكون تركها في صحون المساكن حرزاً لمثلها ؛ لأنها تحفظ من أهل المسكن وغير أهل المسكن ، فإن سرقها غريب منهم وخارج عنهم قطع ، وإن سرقها أحدهم لم