حرزاً له مع بعده كذلك بعد الأخير من القائد ، وسواء كان جمالها ماشياً أو راكباً ، ويكون حرزاً لها ما كان مستيقظاً ، فإن نام عنها لم يكن حرزاً لها .
( فصل )
وإذا جعلناه حرزاً لها صار حرزاً لما عليها من الحمولة ، فإن سرق واحد منها وحل من قطاره قطع سارقه إذا بعد بالجمل عن بصر جماله وموضع زجره ، ويكون حكمه قبل بعده عن نظره وزجره كبقائه في حرزه ، فإذا تجاوز ذلك صار كالخارج من حرزه ، فيجب حينئذ قطعه ، ولو أنه ترك الجمل في قطاره وسرق من حمولته والمتاع الذي على ظهره قطع بتناول المتاع وحله عن شداده ووعائه سواء بعد المتاع عن بصر الجمال أو لم يبعد ، بخلاف البعير ؛ لأن تحرز البعير رؤية الجمال ، وحرز المتاع شداده في وعائه ، وسواء اخذ جميع الوعاء أو أخذ مما في الوعاء .
وقال أبو حنيفة : إن أخذ جميع الوعاء لم يقطع ، وإن أخذ مما في الوعاء قطع احتجاجاً بأنه يصير بأخذ ما فيه هاتكاً للحرز ، وبأخذ جميعه غير هاتك للحرز ، وهذا خطأ ؛ لأن الوعاء محرز بشداده على الجملة كما أن ما في الوعاء محرزاً بالوعاء ، ثم ثبت أنه يقطع بما في الوعاء فكان أولى أن يقطع بجميع الوعاء ، وفيه انفصال ، ولكن لو حل الجمل من قطاره وسرقه وما عليه ، وصاحبه راكبه لم يقطع سارقه ؛ لبقائه مع حرزه فصار سارقاً للحرز والمحرز ؛ فلذلك سقط القطع لبقاء يد الحافظ عليه ، فإن دفعه عنه بعد بعده عن الأبصار صار كالغاصب ولا قطع على غاصب .
( فصل )
ولو طال القطار وكثر عدده عن مراعاة الواحد كان الواحد فيها حرزاً لما أمكن أن ترى عينه ما قرب منه دون ما بعد عنه ، فإن كان قائداً كان حرزاً لما بعده من العدد المذكور ، وإن كان سائقاً كان حرزاً لما قبله من العدد المذكور ، وإن كان متوسطاً كان حرزاً لواحد مما قادوا بقية العدد مما يساق ؛ لأنه إذا توزعت مراعاته من أمامه وورائه كان بأمامه أحرز ، ويكون ما تجاوز ذلك من القطار غير محروز ، فإن سرق مما جعلناه حرزاً له قطع ، وإن سرق مما لم نجعله حرزاً له لم يقطع ، فإن كانت غير مقطورة في سيرها كان الواحد حرزاً لما يناله سوطه منها ، لأنه بالسوط يسوقها ويؤجرها ، ولا يكون حرزاً لما لا يناله سوطه وإن كان يراه .
( مسألة )
قال الشافعي : ‘ وإن أناخها حيث ينظر إليها في صحراء أو كانت غنما فآواها إلى مراح فاضطجع حيث ينظر إليها فهذا حرزها ) .
قال الماوردي : وهذا نوع ثالث من الأحراز فيما يختص بالبهائم في الصحراء ، وذلك يشتمل على ثلاثة فصول .
فالفصل الأول في الإبل والدواب إذا حطت حمولتها فنزلت في منزل الاستراحة